"يا سلمان، ما يوم الجمعة؟ "، قلت: الله ورسوله أعلم، قال:"يا سليمان، ما يوم الجمعة؟ " قلت: الله ورسوله أعلم، قال:"يا سلمان، يوم الجمعة به جمُع أبوك -أو أبوكم- أنا أحدّثك عن يوم الجمعة، ما من رجل يتطهّر يوم الجمعة، كما أُمر، ثم يخرج من بيته حتى يأتي الجمعة، فيقعد، فينصت حتى يقضي صلاته، إلا كان كفارة لما قبله من الجمعة".
(مَا) نافية (منْ) زائدة (رَجُل) مبتدأ خبره جملة "إلا غُفر له"، وجملة قوله (يَتَطَهَّرُ) صفة له "رجل"(يَوْمَ الْجُمُعَة كَمَا أُمِرَ) أي تطهيراً مماثلاً لما أمره الله تعالى به، وهو تعميم جسده بالغسل، إن اغتسل، أو الوضوء، إن لم يتسير له الاغتسال، أو التيمم، إن كان من أهله.
أو المراد بالطهارة ما يعمّ ما ذكر، وغيره من أنواع النظافة، كأخذ الشارب، والظفر، والعانة مثلاً.
وفي رواية البخاريّ من طريق عبد الله بن وديعة, عن سلمان:"لا يغتسل رجل يوم الجمعة، ويتطهر ما استطاع من طهر، ويدّهن, من دهنه، أو يمسّ من طيب بيته، ثم يخرج، فلا يفرْق بين اثنين، ثم يصلي ما كُتب له، ثم يُنصت إذا تكلّم الإمام، إلا غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى".
وفي رواية عبد الله بن عمرو عند أبي داود من الزيادة:"ويلبس من صالح ثيابه".
(ثُمَّ يَخْرُجُ مِنْ بَيْته) زاد في حديث أبي أيوب عند ابن خزيمة: "إلى المسجد"، ولأحمد من حديث أبي الدرداء:"ثم يمشي، وعليه السكينة"، وللبخاري من رواية ابن وديعة المذكورة:"فلا يفرّق بين اثنين"، وفي حديث عبد الله بن عمرو عند أبي داود:"ثم لم يتخط رقاب الناس"، وفي حديث أبي الدرداء:"ولم يتخطّ أحداً، ولم يؤذه"(حَتَّى يَأْتيَ الْجُمُعَةَ)"حتى" هنا تعليليّة، أي كان خروجه لكي يأتي صلاة الجمعة فقط، يعني أنه ما خرج لحاجة غير الجمعة، زاد في رواية ابن وديعة:"ثم يصلي ما كتب له"(وَينْصِتُ حَتَّى يَقْضِيَ صَلَاتهُ) وفي رواية ابن وديعة المذكورة: "ثم ينصت إذا تكلم الإمام".
ورواية المصنف تؤيد قول من قال: لا يتكلم بين الخطبتين، ولا بعد الفراغ منهما، وقد تقدّم الكلام عليه في الباب الماضي (إلَّا كَانَ) أي هذا العملُ، فاسم "كان" ضمير يعود إلى ما ذُكر من الطهارة، وغيرها (كَفَّارَةً لمَا قَبْلَهُ) أي للذنب الذي حصل قبل هذا اليوم (منَ الْجُمُعَة) أي ابتداء من يوم الجمعة الماضية، فـ"من" ابتدائية، أو المراد بـ"الجمعة" الأسبوعُ -كما قاله السندي- فتكون "من" بياناً لـ"ما". والله أعلم.