وعند البخاري: "غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى". وعند ابن خزيمة "غفر له ما بينه وبين الجمعة التي قبلها". ولابن حبان من طريق سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة -رضي الله عنه-: "غُفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى، وزيادة ثلاثة أيام من التي بعدها" وفي رواية المصنف في "الكبرى" كما تقدم "ما أجتُنبت المقتلة". وزاد ابن ماجه في رواية أخرى عن أبي هريرة: "ما لم يَغْشَ الكبائر"، ونحوه لمسلم.
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: الظاهر -والله أعلم- أن المراد بـ"المقتلة" أسباب القتل, فيكون بمعنى الرواية الأخرى "ما اجتنبت الكبائر"، وذلك لأن كثيراً من الكبائر سببا لقتل صاحبه، فإذا اجتنب الكبائر اجتنب أسباب القتل. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلق بهذا الحديث:
المسألة الأولي: في بيان درجته:
حديث سلمان رضي الله تعالى عنه هذا أخرجه البخاري.
المسألة الثانية: في بيان مواضع ذكر المصنف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا -٢٣/ ١٤٠٣ - وفي "الكبرى" -٣١/ ١٧٢٤ - عن إسحاق بن إبراهيم، عن جرير بن عبد الحميد, عن منصور بن المعتمر، عن أبي معشر زياد بن كُليب، عن إبراهيم، عن علقمة، عن القَرْثَع الضبّيّ، عنه. وفي "الكبرى" -٣١/ ١٧٢٥ - عن إبراهيم بن يعقوب, عن عفّان بن مسلم، ويحيى بن حماد -والنسق لعفّان- كلاهما عن أبي عوانة، عن المغيرة، عن أبي معشر به.
وأخرجه (خ) ٢/ ٤ و٢/ ٩ وتقدم لفظه قريباً (أحمد) ٥/ ٤٤٠ و٥/ ٤٣٨ و٥/ ٤٣٩ (الدارمي) ١٥٤٩ (ابن خزيمة)، ١٧٣٢ والله تعالى أعلم.
المسألة الثالثة: في فوائده (١):
منها: ما ترجم له المصنف، وهو بيان فضل الإنصات، وترك اللغو في حال خطبة الجمعة.
ومنها: كراهة التخطي يوم الجمعة، لقوله: "ثم لم يتخطّ رقاب الناس"، وقد تقدم تمام البحث فيه قبل بابين.
ومنها: استحباب المشي، وعدم الركوب في السعي إلى الجمعة.
ومنها: مشروعية النافلة قبل خطبة الجمعة، لقوله: "ثم صلى ما كتب له"، ثم قال:
(١) ليس المراد فوائد سياق المصنف فقط، بل ما يشمل الزيادات التي نبّهتُ عليها في الشرح، فتنبّه.