للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

العقود كلها، مثل البيع، والنكاح، وغيرهما، والحاجة إشارة إليها.

ويحتمل أن المراد بالحاجة النكاح، إذ هو الذي تعارف فيه الخطبة، دون سائر الحاجات، وعلى كلّ تقدير فوجه ذكر المصنف الحديث في هذا الباب, لأن الأصل اتحاد الخطبة، فما جاز، أو جاء في موضع جاز في موضع آخر أيضاً، وكأنه جاء فيه، والله تعالى أعلم انتهى (١).

قال الجامع عفا الله عنه: بل الاحتمال الأول هو الصواب, لأن في سنن أبي داود التصريح بذلك، فقد أخرجه من طريق سفيان، عن أبي إسحاق، عن أبي عُبيدة، عن عبد الله بن مسعود: "في خطبة الحاجة، في النكاح وغيره"، والله تعالى أعلم.

(الْحَمْدُ للهِ) وفي رواية "عمل اليوم والليلة" من طريق إسماعيل بن حمّاد بن أبي سليمان، عن أبي إسحاق: "ان الحمد لله، نحمده"، قال الجزري في "تصحيح المصابيح": يجوز تخفيف "أن"، وتشديدها، ومع التشديد يجوز رفع "الحمد"، ونصبه، ورويناه بذلك انتهى.

وقال الطيبي: "أن" مخفّفة من الثقيلة، كقوله تعالى: {وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [يونس: ١٠].

والحمد هنا يجب أن يُحمل على الثناء الجميل (٢) من نعمة، أو غيرها، من أوصاف الكمال والجلال والجمال، والإكرام، والأفعال العظام، والتعريفُ على استغراق الجنس، فيفيد أن كلّ نعمة من النعم الدنيوية والأخروية ليست إلا منه، وكلّ صفة من صفات الكمال، وفضائل الأعمال له، ومنه، وإليه، لتترتب عليه الأفعال المتناسقة بعده، من الاستعانة، والاستغفار، والاستعاذة. أفاده القاري (٣).

(نَسْتَعِينُهُ) أي في جميع الأمور، قال القاري رحمه الله: أي في حمده، وغيره، وهو، وما بعده جُملٌ مستأنفة مبينة لأحوال الحامدين انتهى.

(وَنَسْتَغْفِرُهُ) أي من تقصير عبادته، وتأخير طاعته (وَنَعُوذُ باللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا) أي نعتصم بالله من ظهور شرور أخلاق أنفسنا الرديّة، وأحوال طَباع أهوائنا الدَّنية (وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا) وفي رواية بزيادة "من"، وهو من إضافة الصفة للموصوف، أي من أعمالنا السيّئة (مَنْ يَهْدِهِ الله) بإثبات الضمير، وفي رواية بحذفه، أي من يُوفّقهُ الله لاتباع طريق الحقّ (فَلَا مُضِلَّ لَهُ) أي من شيطان، أو نفس، أو غيرهما (وَمَنْ يُضْلِلْ) بحذف الضمير


(١) "شرح السندي" ٣/ ١٠٥.
(٢) لعل الصواب "الثناء بالجميل إلخ" بزيادة الباء.
(٣) "المرقاة شرح المشكاة" جـ ٦ ص ٣٠٨.