المنصوب، أي من يُزغه عن اتباع الحقّ، يقال: ضلّ الرجلُ الطريقَ، وضلّ عنه يَضلّ من باب ضرب، ضَلَالاً، وضلالةً: زلْ عنه، فلم يهتد إليه، وأضله الله يتعدى بالهمزة (فَلَا هَادِيَ لَهُ) أي لا أحد يهديه إلى الحقّ، لا من جهة العقل، ولا من جهة النقل، ومن جهة أحد من الخلق.
قال الطيبي رحمه الله: أضاف الشرّ إلى الأنفس أوّلاً كسباً، والإضلال إلى الله تعالى ثانياً خلقاً وتقديراً. انتهى.
(وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ) زاد في رواية "عمل اليوم والليلة": "وحده لا شريك له"(وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ) تقدم معنى الشهادتين في "كتاب الأذان".
(ثُمَّ يَقْرَأُ ثَلَاثَ آيَاتِ) قال الطيبيّ: هذا يقتضي معطوفاً عليه، فالتقدير يقول:"الحمد لله"، ثم يقرأ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ} أخرج ابن أبي حاتم بإسناد صحيح عن ابن مسعود -رضي الله عنه-، موقوفاً، قال: هو أن يُطاع فلا يُعصى، وأن يذكر فلا يُنسى، وأن يُشكر فلا يُكفر.
وقد ذهب سعيد بن جُبير، وأبو العالية، والربيع بن أنس، وقتادة، ومقاتل بن حيّان، وزيد بن أسلم، والسُّدّيّ، وغيرهم إلى أن هذه الآية منسوخة بقوله تعالى:{فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}[التغابن: ١٦].
وقال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس -رضي الله عنهما- إنها لم تنسخ، ولكن {حَقَّ تُقَاتِهِ} أن يُجاهدوا في سبيله حق جهاده، ولا تأخذهم في الله لومة لائم، ويقوموا بالقسط ولو على أنفسهم، وآبائهم، وأبنائهم.
{فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} أي حافظوا على الإِسلام في حال صحّتكم وسلامتكم، لتموتوا عليه، فإن الكريم قد أجرى سنته بكرمه أنه من عاش على شيء مات عليه، ومن مات على شيء بُعث عليه، فعياذاً بالله من خلاف ذلك (١).
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ} هي آدم عليه السلام {وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا} هي حواء عليها السلام، خلقت من ضلعه الأيسر من خلفه، وهو نائم، فاستيقظ، فرآها، فأعجبته، فأنس إليها، وأنست إليه.
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس -رضي الله عنهما-، قال:"خُلقت المرأة من الرجل، فجُعلت نهمتها في الرجل، وخُلق الرجل من الأرض، فجُعلت نهمته في الأرض، فاحبسوا نساءكم".
(١) راجع "شرح ابن كثير" في "تفسير سورة آل عمران" جـ ١ ص ٣٩٦.