للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وفي الصحيح من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- مرفوعاً: "إن المرأة خُلقت من ضلع، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه، فإن ذهبت تُقيمه كسرته، وإن استمتعت بها استمتعت بها، وفيها عوج". وفي لفظ لمسلم: "إن المرأة خُلقت من ضلع، لن تستقيم على طريقة، فإن استمتعت بها استمتعت بها، وبها عوج، وإن ذهبت تقيمها كسرتها، وكسرها طلاقها".

{وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً} أي وذرأ من آدم وحوّاء رجالاً كثيراً ونساء، ونشرهم في أقطار العالم على اختلاف أصنافهم، وصفاتهم، وألوانهم، ولغاتهم، ثم إليه بعد ذلك المعاد والمحشر.

{وَاَتَّقُواْ اَللهَ} بطاعتكم إياه {الَّذِي تَسَاءَلُونَ} بحذف إحدى التاءين، وبتشديد السين، قرءتان متواترتان (بِه) أي تتساءلون فيما بينكم حوائجكم بالله، كما تقولون: أسألك بالله، قال إبراهيم، ومجاهد، والحسن: {الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ} أي كما يقال: أسألك بالله وبالرحم.

{وَالْأَرْحَامَ} بالنصب عند عامة القرّاء، أي واتقوا الأرحام أن تقطعوها، وفيه المبالغة في اجتناب قطع الرحم.

وقال الضحّاك: واتقوا الله الذي تعاقدون، وتعاهدون به، واتقوا الأرحام أن تقطعوها, ولكن برّوها، وصلوها.

وقرأ حمزة: {وَالْأَرْحَامَ} بالجرّ على العطف على الضمير في "به"، أي تساءلون بالله، وبالأرحام، كما قال مجاهد وغيره.

والعطف على الضمير المجرور من غير إعادة الجارّ فصيح على الصحيح، كما قال ابن مالك:

وَعَوْدُ خَافِضٍ لَدَى عَطْفٍ علَى … ضَمِيرِ خَفْضٍ لَازِماً قَدْ جُعِلَا

وَلَيْسَ عِنْدِي لَازِمًا إِذْ قَدْ أَتَى … فِي النَّظْمِ وَالنَّثْرِ الصَّحيحِ مُثْبَتَا

وفي قراءة شاذة عن ابن مسعود: "وبالأرحام". وقيل: الجرّ للجوار، وقيل: الواو للقسم.

{إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} أي هو مراقبٌ لجميع أحوالكم، وأعمالكم، كما قال: {وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ}. وفي الصحيح: "اعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه، فإنه يراك"، وهذا إرشاد، وأمر بمراقبة الرقيب.

وإنما ذكر تعالى أن أصل الخلق من أب واحد، وأمّ واحدة ليُعَطِّفَ بعضهم على بعض، ويَحُثَّهُم على ضعفائهم.