للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

({يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا}) أي مستقيماً لا اعوجاج فيه، ولا انحراف {يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} هذا وَعْد منه سبحانه وتعالى أنهم إن فعلوا ذلك أثابهم عليه، بأن يُصلح لهم أعمالهم، أي يوفقهم للأعمال الصالحة، وأن يغفر لهم الذنوب الماضية، وما قد يقع منهم في المستقبل يُلهمهم التوبة منها. {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَه}: أي بامتثال الأوامر، واجتناب الزواجر، {فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} أي بأن يُجار من نار الجحيم، ويصير إلى النعيم المقيم (١).

زاد الطبراني بعد ذكر الآيات: "أما بعد" ثم يذكر حاجته.

(قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ) النسائي (أَبُو عُبَيْدَةَ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِيهِ) عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-.

وغرض المصنف رحمه الله تعالى بهذا بيان أن هذا السند فيه انقطاع، حيث إن أبا عبيدة لم يسمع من أبيه.

وهذا الذي قاله المصنف رحمه الله تعالى قد ثبت عن أبي عبيدة نفسه، فقد ذكر الترمذيّ عن شعبة، عن عمرو بن مرّة، قال: سألت أبا عُبيدة، هل تذكر من عبد الله شيئًا؟ قال: لا (٢).

(وَلَا عَبْدُ الرَحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُود) يعني أن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود، وهو أخو أبي عُبيدة لم يسمع من أبيه أيضاً.

وهذا الذي قاله المصنف رحمه الله، قد اختلف فيه أهل العلم بالآثار، فمنهم من أثبت سماعه، ومنه من نفاه:

قال يعقوب بن شَيبة: كان ثقة قليل الحديث، وقد تكلّموا في روايته عن أبيه، وكان صغيراً. فأما علي بن المديني، فقال: قد لقي أباه. وقال ابن معين: عبد الرحمن، وأبو عبيدة لم يسمعا من أبيهما. وقال أحمد بن حنبل، عن يحيى بن سعيد: مات عبد الله، وعبد الرحمن ابن ست سنين، أو نحوها. وقال أحمد، أما سفيان الثوريّ، وشريك، فإنهما يقولان: سمع، وأما إسرائيل، فإنه يقول في حديث الضبّ: سمعت. وقال العجلي: يقال: إنه لم يسمع من أبيه إلا حرفاً واحداً: "محرّم الحلال كمستحلّ الحرام". وقال معاوية بن صالح، عن ابن معين: سمع من أبيه، وعن عليّ.

وروى البخاريّ في "التاريخ الصغير" بإسناد لا بأس به، عن القاسم بن عبد الرحمن ابن عبد الله بن مسعود، عن أبيه، قال: لمّا حَضرَ عبدَ الله الوفاةُ قال له ابنه عبد الرحمن:


(١) "تفسير ابن كثير" في "سورة الأحزاب" جـ ٣ ص ٥٢٩
(٢) انظر "تت" في ترجمة "عامر بن عبد الله بن مسعود".