منها: ما ترجم له المصنف رحمه الله تعالى، وهو جواز نزول الإِمام عن منبره، وقطع خطبته لأمر ينزل به، ثم رجوعه إليه، وإتمام خطبته.
قال الحافظ ولي الدين رحمه الله: قد يَستدلّ بهذه القصَّة من لا يوجب الموالاة في الخطبة، لكنه زمن يسير، لا يقطع الموالاة عند من يشترطها، فليست هذه الصورة في موضع النزاع، وللشافعي في المسألة قولان: أصحهما عند أصحابه اشتراطها، وبه قالت الحنابلة، وكذلك الخلاف في اشتراط الموالاة بين الخطبة والصلاة، والمرجع فيما يقطع الموالاة من كلام، أو فعل إلى العرف، وحيث انقطعت الموالاة استأنف الأركان، وقد يقال: لم تكن هذه الخطبة خطبة الجمعة، لكن النسائيّ بوّب عليه:"نزول الإِمام عن المنبر قبل فراغه من الخطبة يوم الجمعة"، وقال الحاكم هو أصل في قطع الخطبة، والنزول من المنبر عند الحاجة انتهى (١).
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: قول من قال بجواز قطع الخطبة للحاجة هو الذي يترجّح عندي, لأنه تؤيده الأدلة المذكورة، ومن قال بعدم الجواز فليس له حجة في ذلك. والله تعالى أعلم.
ومنها: أن فيه منقبة عظيمة للحسن والحسين -رضي الله عنهما-، وقد أورده الترمذي في مناقبهما, ولولا شدّة محبته -صلى الله عليه وسلم- لما فعل معهما مثل ذلك، وفي رواية الحاكم:"رأيت ولدَيَّ هذين".
ومنها: ما كان عليه النبي -صلى الله عليه وسلم- من كمال الشفقة، وشدة الرأفة، كما وصفه الله تعالى بذلك في كتابه حيث قال:{لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ}[التوبة: ١٢٨].
قال الحافظ ولي الدين رحمه الله تعالى: وفيه بيان رحمته -صلى الله عليه وسلم- للعيال، وشفقته عليهم، ورفقه بهم، والظاهر أن مبادرته -صلى الله عليه وسلم- إلى أخذهما لإعيائهما بالمشي، وحصول المشقّة لهما بالعثار، فرفع تلك المشقّة عنهما بحملهما انتهى.
ومنها: جواز لبس الثوب الأحمر، وفيه خلاف بين أهل العلم، سيأتي تحقيقه في موضعه من "كتاب الزينة"، إن شاء الله تعالى.
ومنها: أن الأموال والأولاد فتنة ابتلى الله تعالى بها عباده، فمن آثرهما على الطاعة،