أبي طالب أنه أمر أن يصلي بعد الجمعة ركعتين، ثم أربعاً، وذهب سفيان الثوري، وابن المبارك إلى قول ابن مسعود، وقال إسحاق: إن صلى في المسجد يوم الجمعة صلى أربعاً، وإن صلى في بيته صلى ركعتين، واحتجّ بأن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يصلي بعد الجمعة ركعتين في بيته، وبحديث النبي -صلى الله عليه وسلم-: "من كان منكم مصلياً بعد الجمعة، فليصلّ أربعًا".
قال الترمذي: وابن عمر هو الذي روى عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه كان يصلي بعد الجمعة ركعتين في بيته، وابن عمر بعد النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى في المسجد بعد الجمعة ركعتين، وصلى بعد الركعتين أربعاً، ثم رواه كذلك.
وروى أبو داود في "سننه" عن ابن عمر -رضي الله عنهما-، أنه كان إذا كان بمكة، فصلى الجمعة، تقدّم، فصلى ركعتين، ثم تقدم، فصلى أربعاً، وإذا كان بالمدينة صلى الجمعة، ثم رجع إلى بيته، فصلى ركعتين، ولم يصل في المسجد، فقيل له؟ فقال:"كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يفعل ذلك".
قال الحافظ العراقي رحمه الله في "شرح الترمذيّ": والظاهر أن المرفوع منه آخر الحديث فقط، وهو ما كان يفعله بالمدينة، دون ما كان يفعله بمكة، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يصحّ أنه صلى الجمعة بمكة، وكان ابن عمر في زمنه بمكة قبل الهجرة صغيراً، فإن أريد رفع فعله بمكة أيضاً، وهو بعيد، فيحتمل أنه رآه يصلي بمكة بعد الظهر في المسجد، أو أنه صلى الجمعة بمكة بعد الفتح، ولم يُنقل ذلك.
ثم قال بعد ذلك: قد يسأل عن الحكمة في كون ابن عمر كان يصليها بمكة في المسجد، وفي المدينة بمنزله.
وقد يجاب بأنه لعله كان يريد التأخر في مسجد مكة للطواف بالبيت، فيكره أن يفوته بمضيه إلى منزله لصلاة سنة الجمعة زمن مما يغتنمه في الطواف، أو أنه يشقّ عليه الذهاب إلى منزله، ثم الرجوع إلى المسجد للطواف، أو أنه كان يرى النوافل تضاعف بمسجد مكة، دون بقية مكة، فكان يتنفّل في المسجد لذلك، أو كان له أمر يتعلّق به في المسجد من الاجتماع بأحد، أو غير ذلك مما يقتضي أولوية صلاته في المسجد انتهى.
قال ولي الدين رحمه الله: وهو مبنيّ على ما ذكره أوّلاً من أن المرفوع آخر الحديث فقط.
لكن ظاهر اللفظ أن تفريق ابن عمر بين البلدين في ذلك فعله لمجرّد الاتباع، والله أعلم.
وقال ابن عبد البرّ رحمه الله: قال أبو حنيفة: يصلي بعد الجمعة أربعًا، وقال في موضع