للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

آخر: ستاً، وقال الثوريّ: إن صليت أربعًا، أو ستاً، فحسن. وقال الحسن بن حيّ: يصلي أربعاً. وقال أحمد بن حنبل: أحبّ إليّ أن يصلي بعد الجمعة ستًّا، وإن صلى أربعاً فحسن، لا بأس به.

قال ابن عبد البرّ: وكل هذه الأقوال مروية عن الصحابة، قولاً، وعملاً، ولا خلاف بين العلماء أن ذلك على الاختيار.

وقال ابن بطال رحمه الله: قالت طائفة: يصلي بعدها ركعتين، روي ذلك عن ابن عمر، وعمران بن حصين, والنخعي.

وقالت طائفة: يصلي بعدها ركعتين، ثم أربعاً، روي عن علي، وابن عمر, وأبي موسى، وهو قول عطاء، والثّوريّ، وأبي يوسف، إلا أن أبا يوسف استحب أن يقدم الأربع قبل الركعتين.

وقالت طائفة: يصلي أربعاً لا يفصل بينهنّ بسلام، روي ذلك عن ابن مسعود، وعلقمة، والنخعي، وهو قول أبي حنيفة، وإسحاق انتهى.

وفي مصنَّف ابن أبي شيبة وغيره عن أبي عبد الرحمن، وهو السُّلَميّ، قال: قدم علينا ابن مسعود، فكان يأمرنا أن نصلي بعد الجمعة أربعاً، فلما قدم علينا عليّ أمرنا أن نصلي ستاً، فأخذنا بقول عليّ، وتركنا قول عبد الله، قال: كان يصلي ركعتين، ثمّ أربعًا.

وذكر ابن العربيّ أن أمره -صلى الله عليه وسلم- بالأربع لئلا يُتوهّم من الركعتين أنهما تكملة الركعتين المتقدّمتين، فيكون ظهراً، وسبقه إلى ذلك المازريّ، فقال: وكلّ هذا إشارة إلى ترك الاقتصار على ركعتين، لئلا تلتبس الجمعة بالظهر التي هي أربع على الجاهل، أو لئلا يتطرق أهل البدع إلى صلاتها ظهراً أربعاً.

وقال النووي في "شرح مسلم": نبه بقوله: "من كان منكم مصلياً" على أنها سنة، ليست بواجبة، وذَكَرَ الأربعَ لفضلها، وفعل الركعتين في أوقات، بياناً, لأن أقلها ركعتان، قال: ومعلوم أنه -صلى الله عليه وسلم- كان يصلي في أكثر الأوقات أربعاً, لأنه أمرنا بهنّ، وحثّنا عليهنّ، وهو أرغب في الخير، وأحرص عليه، وأولى به انتهى (١).

قال العراقي رحمه الله: وما ادعاه من أنه معلوم أنه كان يصلي في أكثر الأوقات أربعاً فيه نظر، فليس ذلك بمعلوم، ولا مظنون, لأن الذي صح عنه صلاة ركعتين في بيته، ولا يلزم من كونه أمر به أن يفعله.


(١) "شرح مسلم" جـ ٦ ص ١٦٩ - ١٧٠.