هذه الخصلة من مزايا يوم الجمعة ظاهر (وَفِيهِ قُبِضَ) بالبناء للمفعول، أي مات في يوم الجمعة، قيل: دفن بالهند، وقيل: بمكة في غار أبي قبيس، وقيل: ببيت المقدس، وكان موته من مزايا يوم الجمعة, لأن الموت به دخوله الجنة (وَفِيهِ تَقُومُ السَّاعَةُ) أي القيامة، وكان قيامها من مزايا يوم الجمعة, لأن فيه نعمتين عظيمتين للمؤمنين، وصولهم إلى النعيم المقيم, وإدخال أعدائهم في نار الجحيم.
[تنبيه]: قال الإِمام ابن خزيمة رحمه الله تعالى في "صحيحه": قد اختلفوا في هذه اللفظة في قوله: "فيه خلق آدم" إلى قوله: "وفيه تقوم الساعة"، أهو عن أبي هريرة، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، أو عن أبي هريرة، عن كعب الأحبار؟.
قال: والقلب إلى رواية من جعل هذا الكلام عن أبي هريرة، عن كعب أميل, لأن محمد بن يحيى حدثنا، قال: نا محمد بن يوسف، ثنا الأوزاعي، عن يحيى، عن أبي سلمة, عن أبي هريرة -رضي الله عنه-: "خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة, فيه خُلق آدم، وفيه أُسكن الجنة، وفيه أُخرج منها، وفيه تقوم الساعة"، قال: قلت له: أشيءٌ سمعته من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ قال: بل شيء حدثناه كعب.
وهكذا رواه أبان بن يزيد العطار، وشيبان بن عبد الرحمن النحويّ، عن يحيى بن أبي كثير.
قال: وأما قوله: "خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة"، فهو عن أبي هريرة، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، لا شكّ، ولا مرية فيه، والزيادة التي بعدها: "فيه خُلق آدم" إلى آخره هذا الذي اختلفوا فيه، فقال بعضهم: عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، وقال بعضهم: عن كعب انتهى (١).
قال الشيخ الألباني حفظه الله في تعليقه: الحديث كله صحيح مرفوعاً بلا ريب، ويكفي أن مسلماً أخرجه من طريق الأعرج، عن أبي هريرة، ورواه المصنف -يعني ابن خزيمة- من طريقين آخرين عنه، فلعل العلة من يحيى، فإنه مدلس، وللمرفوع شاهد من حديثا أوس. -يعني حديث أوس بن أوس الذي تقدم للمصنف في ٥/ ١٣٧٤ - "إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة، فيه خُلق آدم … " الحديث-.
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هذا الذي قاله الشيخ الألباني حفظه الله تعالى حسنٌ جدًّا.
والحاصل أن الحديث كله مرفوع. والله تعالى أعلم.
(١) "صحيح ابن خزيمة" جـ ٣ ص ١١٦.