للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال: ولقد بلغني أنه لم يكن يُحَدِّث أمرد، فلما جاءه أبو داود صاحب السنن بولده، وكان إذ ذاك أمرد. أنكر عليه إحضاره ابنه مجلسه، فقال: إنه وإن كان أمرد أحفظ من أصحاب اللحى فامتحنه بما أردت، ففعل، ثم حدّثه، ولم يُحدِّث أمرد سواه.

نعم: قيل: إن الذي جرحه ابن معين آخر غير هذا، ولكنه التبس على النسائي.

وعلى تقدير كونه هو فتوقَّف فيه بعضهم، وقال: لعل ابن معين لا يدري ما الفلسفة.

وبالجملة مع ما أبديناه في توجيه تجريحه فالنسائي إمام حجة من أهل الاجتهاد والنقد، لا نلتزم عصمته من الخطأ سيما:

وَعَيْنُ الرَّضَا عن كُلِّ عَيْب كَليْلَةٌ … كَمَا أنَّ عَيْن السُّخْط تُبدي المَسَاويَا (١)

ووراء هذا أنه حصل بكلام النسائي فيه المكافأة له على تحامله بالتكَلم في حَرمَلة صاحب الشافعي كما بينته في محل آخر (٢)، إذ الجزاء من جنس العمل.

* وقد سئل شيخنا -رحمه الله تعالى- عن ذكر النسائي لبعض الأئمة في ضعفائه، فأجاب بقوله: (النسائي من أئمة الحديث، والذي قاله إنما هو بحسب ما ظهر له وأدّاه إليه اجتهاده، وليس كلّ أحد يؤخذ بجميع قوله سيما وقد وافق النسائي في مطلق القول جماعة.

ولعمري فكتابه بديع لمن تدبره، وتفهم موضوعه وكرره، وكم


(١) البيت لعبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب (من الطويل).
(٢) انظر فتح المغيث ٤/ ٣٦٧.