للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

التي رويت عن ابن عمر، وأبي عباس.

من ذلك أن ابن عمر ركب إلى ريم (١) فقصر الصلاة في مسيره ذلك، قال مالك: وذلك نحو من أربعة برد، وأن ابن عباس - رضي اللَّه عنهما - سئل أيقصر إلى عرفة؟ قال: لا, ولكن إلى عُسفان، وإلى جُدّة، وإلى الطائف، وروي عن ابن عمر، وابن عباس أنهما كانا يصليان ركعتين، ويُفطران في أربع برد، فما فوق ذلك.

وهذا مذهب أحمد، وإسحاق، وأبي ثور، وحكى أبو ثور ذلك عن مالك، والشافعي، وبه قال الليث بن سعد في بعض الصلاة، وكذا قال عبد الملك الماجشون.

وقالت طائفة: يقصر الصلاة في مسير يومين، ولم يذكر مقدار ذلك بالبرد والأميال، هذا قول الحسن البصريّ، والزهريّ، وقد كان الشافعي يقول إذ هو بالعراق: يقصر في مسيرة ليلتين قاصدتين، وذلك إذا جاوز السير أربعين ميلاً بالهاشميّ، ثم قال بمصر: للمرىء عندي أن يقصر فيما كان مسيرة ليلتين قاصدتين، وذلك ستة وأربعون ميلاً بالهاشمي، ولا يقصر فيما دونهما، وأُحِبّ أنا أن لا أقصر في أقل من ثلاث، احتياطًا على نفسي، وإن ترك القصر مباح لي.

وقالت طائفة: يقصر في مسيرة اليوم التامّ، ثبت أن ابن عمر كان يقصر في اليوم التامّ، وخرج إلى أرض اشتراها من ابن بجينة، فقصر الصلاة إليها، وهي ثلاثون ميلاً، وقال الزهريّ: يقصر في مسيرة يوم تام، ثلاثون ميلاً، وثابت عن ابن عباس أنه قال: يقصر في اليوم، ولا يقصر فيما دون اليوم.

وقالت طائفة: من سافر ثلاثًا قصر، روينا هذا القول عن ابن مسعود، وسعيد بن جبير، والنخعي، وسُويد بن غَفَلَة، وبه قال الثوريّ، والنعمان، ومحمد بن الحسن، قال النعمان: ثلاثة أيام ولياليها بسير الإبل، ومشي الأقدام.

وفيه قوله خامس: روينا عن علي بن أبي طالب - رضي اللَّه عنه - أنه خرج إلى النُّمَيلة (٢)، فصلى بهم الظهر ركعتين، ثم رجع من يومه، فقال: أردت أن أعلمكم سنة نبيكم - صلى اللَّه عليه وسلم -. وروينا عن ابن عمر - رضي اللَّه عنهما -، أنه قال: إني لأسافر الساعة من النهار، فأقصر، وقال عمرو بن دينار: قال لي جابر بن زيد: اقصر بعرفة.

قال ابن المنذر -رحمه اللَّه تعالى-: أما قول جابر هذا، فأحسبه مثل قول من قال لأهل مكة: اقصروا الصلاة بمنى وعرفة.


(١) أصله رئم بكسر الراء، وسكون الهمزة، واحد الآرام: وهي الظباء الخالصة البياض، ثم سمي به واد لمزينة قرب المدينة. قاله في "معجم البلدان" ٣/ ١١٤.
(٢) "النميلة" قرية لبني قيس بن ثعلبة رهط الأعشى باليمامة. قاله في "معجم البلدان" جـ ٥ ص ٣٠٦.