للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

إِسْحَاقَ, عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ, قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم - مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى مَكَّةَ, فَكَانَ يُصَلِّي بِنَا رَكْعَتَيْنِ, حَتَّى رَجَعْنَا. قُلْتُ (١): هَلْ أَقَامَ بِمَكَّةَ؟ قَالَ: نَعَمْ, أَقَمْنَا بِهَا عَشْرًا).

قالَ الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: هذا الحديث متفق عليه، وقد تقدم قبل بابين -١/ ١٤٣٨ - وتقدم تمام البحث فيه، وبيان مسائله هناك، وبالله تعالى التوفيق.

و"حميد بن مسعدة" هو الباهلي البصري. و"يزيد" هو ابن زريع البصري.

[تنبيه]: قوله: "أقام بها عشرا" لا يعارض هذا حديث ابن عباس - رضي اللَّه تعالى عنهما - الآتي أنه - صلى اللَّه عليه وسلم - أقام بمكة خمسة عشر يومًا؛ لأن هذا في حجة الوداع، وحديث ابن عباس في فتح مكة، وقد ثبت من حديث ابن عباس: "قدم النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - وأصحابه لصبح رابعة … " الحديث، ولا شك أنه خرج من مكة صبح الرابع عشر، فتكون مدة إقامته بمكة وضواحيها عشرة أيام بلياليها، كما قال أنس، وتكون مدة إقامته بمكة أربعة أيام سواء؛ لأنه خرج منها في اليوم الثامن، فصلى الظهر بمنى. أفاده في "الفتح" (٢).

[مسألة]: قال الإمام ابن المنذر -رحمه اللَّه تعالى-: اختلف أهل العلم في القدر الذي يجب على المسافر إذا أقام ذلك المقدار إتمام الصلاة:

فقالت طائفة: إذا أجمع على إقامة خمس عشرة أتمّ الصلاةَ، ورينا هذا القول عن ابن عمر، وبه قال سفيان الثوريّ، وأصحاب الرأي.

وقالت طائفة: إذا أزمع إقامة اثنتي عشرة أتم الصلاة، هذا قول عبد اللَّه بن عمر بن الخطاب، آخر أقواله، كما ذكره نافع، وبنحوه قال الأوزاعي.

وقالت طائفة: إذا عزم على مقام عشر ليال أتم الصلاة، وهذا قول الحسن ابن صالح، وروي ذلك عن علي بن أبي طالب، وابن عباس، وليس ذلك بثابت عنهما، وبه قال محمد بن عليّ.

وقالت طائفة: إذا أقمت أكثر من خمس عشرة، فأتم الصلاة، روي هذا عن سعيد ابن جُبير، وعبد اللَّه بن عُتبة، وبه قال الليث بن سعد.

الخامس: أن من أقام أربعًا صلى أربعَا هكذا قال مالك، وأبو ثور، واحتجّ أبو ثور بأنهم لما أجمعوا على ما دون الأربع أنه يقصر كان ذلك له، فلما اختلفوا في الأربع كان عليه أن يُتمّ، وذلك أن الفروض لا تزال باختلاف.

السادس: قول ابن عباس - رضي اللَّه عنهما -: إذا سافرنا تسع عشرة نقصر الصلاة.

السابع: قول أحمد بن حنبل: إذا أجمع لعشرين صلاةً مكتوبة قصر، فإذا عزم على أن


(١) وفي نسخة "قلنا".
(٢) "فتح" ٣/ ٢٧٠.