للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عَهدَ بها، وهو ما فرّ منه انتهى (١).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: قد تبيّن بما سبق من بيان الأدلة أن ما ذهب إليه الجمهور من أن صلاة الكسوف ركعتان في كل ركعة قيامان، وقراءتان، وركوعان، هو الراجح؛ لكثرة الأحاديث الصحيحة الواردة بذلك واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

المسألة الرابعة: في اختلاف أهل العلم في صلاة الكسوف في أوقات الكراهة على أقوال:

الأول: لا صلاة فيها، بل يذكرون اللَّه، ويدعون، هذا مذهب الحسن البصري، والزهريّ، وعطاء بن أبي رباح، وعكرمة بن خالد، وعمرو بن شعيب، وابن أبي مُليكة، وإسماعيل بن أمية، وأيوب بن موسى، وقتادة، وأبي بكر بن عمرو بن حزم. وقال مالك: لا يُصَلِّي إلا في حين صلاة. وقال الثوري: لا يُصلي في الكسوف في غير وقت صلاة، وقال يعقوب: إذا انكسفت الشمس بعد العصر، فليس بساعة صلاة التطوع، ولكن الدعاء، والتضرع حتى تنجلي.

والثاني: متى انكسفت الشمس، نصفَ النهار، أو بعد العصر، أو قبل ذلك صلى الإمام بالناس صلاة الكسوف, لأن رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - أمر بالصلاة لكسوف الشمس، فلا وقت يحرم فيه صلاة أمر بها رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، وهذا قول الشافعي ومن تبعه، وبه قال أبو ثور.

والثالث: إن انكسفت الشمس بعد العصر، فإنهم يُصلون كذلك مالم تدن للغروب، وكذلك بعد الفجر مالم يطلع حاجب الشمس إلى أن يكون قيد رمح، أو رمحين، لأنهما وقتان تُصلى فيهما الفوائت، والمكتوبات. وهذا قول إسحاق بن راهويه.

والرابع: يصلي للكسوف إلا في الأوقات الثلاثة التي نهي عن الصلاة فيها، وهي وقت طلوع الشمس، ووقت غروبها، ووقت الزوال. وبه قال ابن المنذر (٢).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: المذهب الراجح عندي ما ذهب إليه الشافعي، ومن تبعه أنها تصلى وقت ما حصل الانكساف من ليل أو نهار؛ لظاهر قوله - صلى اللَّه عليه وسلم -: "فإذا رأيتموهما فصلوا"، فقد أمر بالصلاة في أيّ وقت رأينا الانكساف ولم يخص وقتًا دون وقت، وقد سبق في أبواب الأوقات ترجيح القول بأن ذوات الأسباب تجوز في أوقات الكراهة. ويُرَجَّح أيضًا - كما قال في "الفتح"-: بإن المقصود إيقاع هذه العبادة قبل


(١) "فتح" ٣/ ٢٢٩ - ٢٣٠.
(٢) "الأوسط" ٥/ ٣١٢ - ٣١٣ و"الفتح" ٣/ ٢٢٥.