عليّ أن في كل ركعة خمس ركوعات، ولا يخلو إسناد منها عن علة، وقد أوضح ذلك البيهقيّ، وابن عبد البرّ.
ونقل صاحب "الهدي" عن الشافعيّ، وأحمد، والبخاريّ أنهم كانوا يعدون الزيادة على الركوعين في كل ركعة غلطًا من بعض الرواة، فإن أكثر طرق الحديث يمكن ردّ بعضها إلى بعض، ويجمعها أن ذلك كان يوم مات إبراهيم - عليه السلام -، وإذا اتحدت القصة تعيّن الأخذ بالراجح.
وجمع بعضهم بين الأحاديث بتعدد الواقعة، وأن الكسوف وقع مرارًا، فيكون كلّ من هذه الأوجه جائزًا، وإلى ذلك نحا إسحاق، لكن لم تثبت عنده الزيادة على أربع ركوعات.
وقال ابن خزيمة، وابن المنذر، والخطابيّ، وغيرهم من الشافعية: يجوز العمل بجميع ما ثبت من ذلك، وهو من الاختلاف المباح، وقوّاه النوويّ في شرح مسلم.
وأبدى بعضهم أن حكمة الزيادة في الركوع، والنقص كان بحسب سرعة الانجلاء وبطئه، فحين وقع الانجلاء في أول ركوع اقتصر على مثل النافلة، وحين أبطأ زاد ركوعًا، وحين زاد في الإبطاء زاد ثالثًا، وهكذا إلى غاية ما ورد في ذلك.
وتعقبه النووي وغيره بأن إبطاء الانجلاء وعدمه لا يُعلم في أول الحال، ولا في الركعة الأولى، وقد اتفقت الروايات على أن عدد الركوع في الركعتين سواء، وهذا يدلّ على أنه مقصود في نفسه مَنْويّ من أول الحال.
وأجيب باحتمال أن يكون الاعتماد على الركعة الأولى، وأما الثانية، فهي تبع لها، فمهما اتفق وقوعه في الأولى بسبب بطء الانجلاء يقع مثله في الثانية ليساوي بينهما، ومن ثَمَّ قال أصبغ: إذا وقع الانجلاء في أثنائها يصلي الثانية كالعادة.
وعلى هذا فيدخل المصلي فيها على نية مطلق الصلاة، ويزيد في الركوع بحسب الكسوف، ولا مانع من ذلك.
وأجاب بعض الحنفية عن زيادة الركوع بحمله على رفع الرأس لرؤية الشمس، هل انجلت، أم لا، فإذا لم يرها انجلت رجع إلى ركوعه، ففعل ذلك مرة، أو مرارًا، فظنّ بعض من رآه يفعل ذلك ركوعًا زائدًا.
وتُعُقّب بالأحاديث الصحيحة في أنه أطال القيام بين الركوعين، ولو كان الرفع لرؤية الشمس فقط لم يحتج إلى تطويل، ولا سيما الأخبار الصريحة بأنه ذكر ذلك الاعتدال، ثم شرع في القراءة، فكلّ ذلك يردّ هذا الحمل، ولو كان كما زعم هذا القائل لكان فيه إخراج لفعل الرسول - صلى اللَّه عليه وسلم - عن العبادة المشروعة، أو لزم منه إثبات هيئة في الصلاة، لا