للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

المطر. وفي رواية ثابت عند البخاري "فخرجنا نخوض الماء حتى أتينا منازلنا"، ولمسلم من رواية ثابت "فأمطرنا حتى رأيت الرجل تهمه نفسه أن يأتي أهله". ولابن خزيمة من رواية حميد "حتى أهمّ الشابّ القريب الدار الرجوع إلى أهله". وللبخاريّ من طريق قتادة "حتى سألت مَثَاعب المدينة"، ومثاعب جمع مَثْعَب بالمثلثة وآخره موحدة: مسيل الماء. أفاده في "الفتح" (١).

وقوله: "حوالينا" بفتح اللام، أي أنزل المطر حوالينا، وتقدم الكلام في لفظ "حوالينا".

وقوله: "ولا علينا" فيه بيان للمراد بقوله: "حوالينا" لأنها تشمل الطرق التي حولهم، فأراد إخراجها بقوله: "ولا علينا".

قال الطيبيّ: في إدخال الواو هنا معنى لطيف، وذلك أنه لو أسقطها لكان مستسقيًا للآكام، وما معها فقط، ودخول الواو يقتضي أن طلب المطر على المذكورات ليس مقصودًا لعينه، ولكن ليكون وقاية من أذى المطر، فليست الواو مخلصَةً للعطف، ولكنها للتعليل، وهو كقولهم: تجُوع الحرّة، ولا تأكل بثدييها، فإن الجوع ليس مقصودًا لعينه، ولكنه لكونه مانعًا عن الرضاع بأجرة، إذ كانوا يكرهون ذلك أَنَفًا انتهى (٢).

وقوله: "اللَّهم على الآكام" فيه بيان المراد بقوله: "حَوَالينا"، وتقدم الكلام على لفظ "الآكام".

وقوله: "والظراب" بكسر المعجمة، وآخره موحدة، جمع ظَرِب بكسر الراء، وقد تسكن، وقال القزاز: هو الجبل المنبسط ليس بالعالي. وقال الجوهريّ: الرابية الصغيرة.

وقوله: "فأقلعت" أي انقطعت السماء، أي السحاب الماطرة، والمعنى أنها أمسكت عن المطر على المدينة. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا باللَّه، عليه توكلت، وإليه أنيب".


(١) "فتح" ج ٣ ص ١٩٤ - ١٩٥.
(٢) راجع "الفتح" ج٣ ص ١٩٦.