ومن طريق عطاء، عن عائشة، قالت: كان رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - إذا رأى مَخِيلَة -تعني الغيم- تلوّن وجهه، وتغيّر، ودخل وخرج، وأقبل وأدبر، فإذا أمطر سُرّي عنه، قالت عائشة: فذكرت له بعض ما رأيت منه، قال:"وما يدريك لعله كما قال قوم هود: {فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ}[الأحقاف: ٢٤].
ولمسلم من رواية عطاء، عن عائشة - رضي اللَّه عنه -: "كان رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - إذا كان يوم الريح والغيم، عُرِف ذلك في وجهه، وأقبل وأدبر، فإذا مَطَرت سُرَّ به، وذهب عنه ذلك، قالت عائشة: فسألته؟ فقال:"إني خشيت أن يكون عذابا سُلّط على أمتي"، ويقول: إذا رأى المطر: "رحمة".
ودلالة حديث الباب على ما ترجم له المصنف -رحمه اللَّه تعالى- واضحة، حيث يدلّ على استحباب الدعاء بما ذُكر عند نزول المطر. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): في درجته:
حديث عائشة - رضي اللَّه تعالى عنها - هذا أخرجه البخاري.
(المسألة الثانية): في بيان مواضع ذكر المصنف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا-١٥/ ١٥٢٣ - وفي الكبرى- ١٣/ ١٨٢٨ - بالسند المذكور. وفي "الكبرى" أيضا ١٣/ ١٨٢٩ و"عمل اليوم والليلة" ٩١٥ - عن إبراهيم بن محمد التيمي، عن يحيى القطان، عن سفيان، عن المقدام به مطوّلا. و"الكبرى"-١٨٣٠ - و"عمل اليوم" ٩١٤ - عن قتيبة، عن يزيد بن المقدام، عن أبيه. و"الكبرى" ١٨٣١ - عن عبد الوهّاب بن الحكم، عن معاذ بن معاذ، عن ابن جُريج، عن عطاء، عنها. و ١٨٣٢ - عن نوح بن حبيب، عن عبد الرزاق، عن معمر، عن ابن طاوس، عن أبيه، عنها.
وأخرجه (خ) رقم ١٠٣٢ (د) ٥٠٩٩ (ت) ٣٢٥٧ (ق) ٣٨٨٩. واللَّه تعالى أعلم.
المسألة الرابعة: في فوائده:
(منها): ما ترجم له المصنف -رَحِمَهُ اللَّهُ-، وهو بيان ما يُقال عند نزول المطر. (ومنها): بيان ما كان عليه النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - من شدة الخوف من اللَّه تعالى، مع أنه تعالى وعده أن لا يُعذّب أمته، وهو فيهم.
(ومنها): أن من صفات المؤمن عدمُ الأمن من مكر اللَّه، واستدراجِهِ من حيث لا يعلم، كما قال تعالى:{سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ}[القلم: ٤٤]. واللَّه تعالى أعلم