للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

الرُّقعة بمعنى الخِرْقة، وهي القطعة من الثوب، سميت هذه الغزوة ذات الرقاع, لأن الظهر كان قليلاً، وأقدام المسلمين نَقِبَت من الحَفَاء، فلفّوا عليها الخِرَق، وهي الرقاع.

رواه البخاريّ ومسلم عن أبي موسى الأشعري - رضي اللَّه عنه -، وهو الصحيح في تسميتها. وقيل: لأنهم رقّعوا فيها راياتهم. وقيل: بشجرة في ذلك الموضع، يقال له: ذات الرقاع. وقيل: بل الأرض التي كانوا نزلوا بها كانت ذات ألوان تشبه الرقاع. وقيل: لأن خيلهم كان بها سواد وبياض. قاله ابن حبّان. وقال الواقدي: سميت بجبل هناك، فيه بُقَع، وهذا لعله مستند ابن حبان، ويكون قد تصحّف جبل بخيل. وقد رجّح السهيلي، والنوويّ السبب الذي ذكره أبو موسى، ثم قال النووي: ويحتمل أن تكون سميت بالمجموع، وأغرب الداوديّ، فقال: سميت ذات الرقاع لوقوع صلاة الخوف فيها، فسميت بذلك لترقيع الصلاة فيها. كذا في "الفتح".

واختُلف في هذه الغزوة متى كانت، فجنح البخاريّ في "الصحيح" إلى أنها كانت بعد خيبر، وعن ابن إسحاق أنها بعد بني النضير، وقبل الخندق، سنة أربع، وعند ابن سعد، وابن حبّان أنه كان في المحرم سنة خمس. وقد تقدم الكلام في هذا في التنبيهات التي في أوَّل "كتاب صلاة الخوف".

(صَلَاةَ الْخَوْفِ) مفعول "صلّى" (أَنَّ طَائِفَةً صَفَّتْ مَعَهُ) أي للصلاة (وَطَائِفَةٌ) بالنصب عطفا على "طائفة"، ويجوز الرفع على الابتداء، أي وطائفة أخرى (وِجَاهَ الْعَدُوِّ) بكسر الواو، وضمها، أي مقابل العدوّ، ونُصب على الظرفية، إما عطفًا على "معه"، أو متعدق بخبر المبتدإ، إن كان "طائفة"، مبتدءًا (فَصَلَّى بِالَّذِينَ مَعَهُ رَكْعَةً، ثُمَّ) لما قام إلى الركعة الثانية (ثَبَتَ) حال كونه (قَائِمًا، وَأتَمُّوا) أي الطائفة التي صلى بها الركعة الأولى (لأَنْفُسِهِمْ) الركعة الثانية (ثُمَّ) بعد سلامهم (انْصَرَفُوا) إلى وجه العدوّ (فَصَفُّوا وِجَاهَ الْعَدُوِّ) أي وهم في غير حالة الصلاة (وَجَاءَتِ الطائِفَةُ الأُخْرَى) التي كانت مواجهة العدوّ إلى مكان الطائفة الأولى، فاقتدوا بالنبي - صلى اللَّه عليه وسلم - (فَصَلَّى بِهمُ الرَّكْعَةَ الَّتِي بَقِيَتْ مِنْ صَلَاتهِ) وهي الركعة الثانية له (ثُمَّ ثَبَتَ) - صلى اللَّه عليه وسلم - حال كونه (جَالِسًا) في التشهْد، ولم يخرج من صلاته بسلام (وَأَتَمُّوا) أي الطائفة الثانية (لأَنْفُسِهِمْ) الركعة الأخرى، وجلسوا معه في التشقد (ثُمَّ سَلَّمَ بهِمْ) أي معهم، ليحصل لهم فضيلة التسليم معه - صلى اللَّه عليه وسلم -، كما حصل للأولى فضيلة التحريم معه، وقد صلى كل طائفة معه - صلى اللَّه عليه وسلم - ركعةً، وركعة لأنفسهم وُحدانا، وهذه إحدى الكيفيات الثابتة في صلاة الخوف عن النبي - صلى اللَّه عليه وسلم -، وقد اختارها الشافعيّ، وأحمد -رحمهما اللَّه تعالى-، وسيأتي في المسألة الرابعة تحقيق القول في ذلك، إن شاء اللَّه تعالى .. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو