للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وممن كان لا يصلي قبلها, ولا بعدها ابن عمر، ورُوي ذلك عن عليّ، وابن مسعود، وحذيفة، وابن أبي أوفى، وجابر بن عبد اللَّه، ورَوينا عن عبد اللَّه بن عمرو أنه قال في الصلاة قبل العيد: ليس قبله، ولا بعده.

ورأت طائفة أن يُصَلَّى قبلها وبعدها، هذا قول أنس بن مالك، ورُوي عن أبي هريرة. وهو قول الحسن البصريّ، وأخيه سعيد، وجابر بن زيد، وعروة بن الزبير، وبه قال الشافعيّ، وقال عطاء: إذا طلعت الشمس فصلّ.

وفيه قول ثالث. وهو أن يصلي بعدها, ولا يصلي قبلها، روينا عن أبي مسعود البدري أنه قال في يوم عيد: أيها الناس إنه لا صلاة في يومكم هذا حتى يخرج الإمام.

وروينا عن ابن مسعود أنه صلى بعد العيدين أربعًا.

وممن مذهبه أن يصلَّى بعدها, ولا يصلى قبدها علقمة، والأسود، ومجاهد، وابن أبي ليلى، وسعيد، وإبراهيم النخعي، وبه قال سفيان الثوريّ، والأوزاعيّ، وأصحاب الرأي، وحُكي عن الأوزاعيّ أنه قال: اجتمعت العامّة على أن لا صلاة قبل خروج الإمام يوم الفطر والأضحى، وُيصَلَّى بعدُ.

وفيه قول رابع: وهو كراهية الصلاة في المصلى قبل صلاة العيد وبعدها، والرخصة في الصلاة في غير المصلى، هذا قول مالك، وكان إسحاق يقول: الفطر والأضحى ليس قبلهما صلاة، ويُصَلِّي بعدهما أربع ركعات، يفصل بينهنّ إذا رجع إلى بيته، ولا يصلي في الجَبّان (١) أصلاً, لأن النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - صلى ركعتين يوم الفطر، لم يصل قبلها ولا بعدها. ثم رجّح ابن المنذر قول من أباح الصلاة قبل صلاة العيد وبعدها، راجع كلامه في كتابه "الأوسط" ٤/ ٢٦٨ - ٢٦٩.

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: عندي الأرجح قول من قال بعدم مشروعيّة الصلاة قبل صلاة العيد، أو بعدها؛ لعدم ثبوته عن النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، وأصرح دليل على ذلك قول أبي مسعود - رضي اللَّه تعالى عنه - في حديث الباب: "إنه ليس من السنة أن يصلّى قبل الإمام؟ "، فإنه من أهل اللغة يفهم مقاصد الشريعة، وقد أنكر على من رآهم يصلّون قبل صلاة العيد، وقال لهم: إنها ليست من السنة، فلا أدلّ على عدم مشروعيتها من هذا.

والحاصل أنه لا يُشرع التنفّل قبل صلاة العيد، ولا بعدها. واللَّه تعالى أعلم


(١) - قال في "المصباح": "الجبّانة" بفتح الجيم مثقل الباء، وثبوتُ الهاء أكثر من حذفها: هي المصلَّى في الصحراء، وربّما أطلقت على المقبرة, لأن المصلَّى غالبا تكون في المقبرة انتهى بزيادة يسيرة.