للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

العيد مع رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - مرَّات، وقربه منه انتهى (١). (فَقَالَ) أي أبو واقد الليثيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- (بِقَافْ وَاقْتَرَبَتْ) متعلق بمحذوف يدلّ عليه السؤال، أي يقرأ بـ"قاف" في الركعة الأولى، و"اقتربت" في الركعة الثانية.

قال العلماء: الحكمة في قراءتهما لما اشتملتا عليه من الإخبار بالبعث، والإخبار عن القرون الماضية، وإهلاك المكذّبين، وتشبيه بروز الناس للعيد ببروزهم للبعث، وخروجهم من الأجداث، كأنهّم جراد منتشر (١). واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

المسألة الأولى: في درجته: حديث أبي واقد الليثيّ - رضي اللَّه تعالى عنه - هذا أخرجه مسلم.

[فإن قلت]: كيف يصحّ، وفيه انقطاع؛ لأن عبيد اللَّه لم يُدرك عمر - رضي اللَّه عنه -؟.

[قلت]: الانقطاع إنما هو في هذا الطريق فقط، فقد أخرجه مسلم بعد أن أخرجه من هذا الوجه من طريق فُليح، عن ضمرة بن سعيد، عن عبيد اللَّه، عن أبي واقد الليثي - رضي اللَّه تعالى عنه -، قال: سألني عمر بن الخطّاب … فذكره. قال النووي -رَحِمَهُ اللَّهُ- بعد أن ذكر أن الرواية الأولى مرسلة, لأن عبيد اللَّه لم يدرك عمر: ما نصّه: ولكن الحديث صحيح بلا شكّ، متّصل من الرواية الثانية، فإنه أدرك أبا واقد بلا شكّ، وسمعه بلا خلاف، فلا عَتْبَ على مسلم حينئذ في روايته، فإنه صحيح متّصل، واللَّه أعلم انتهى.

وقال الحافظ ابن عبد البرّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: وقد زعم بعض أهل العلم بالحديث أن هذا الحديث منقطع, لأن عبيد اللَّه لم يلق عمر، وقال غيره: هو متّصل مسند، ولقاء عبيد اللَّه لأبي واقد الليثيّ غير مدفوع، وقد سمع عبيدُ اللَّه من جماعة من الصحابة، ولم يذكر أبو داود في "باب ما يقرأ به في العيدين" إلا هذا الحديث، وهذا يدلّ على أنه عنده متصل صحيح (٢) انتهى كلام ابن عبد البرّ (٣).

قال الجامع - عفا اللَّه عنه -: الحاصل أن الحديث متصل صحيح من طريق فُليح كما أخرجه مسلم -رَحِمَهُ اللَّهُ- في "صحيحه"، من الطريقين إشارةً إلى أن مثل هذا الانقطاع لا يضرّ بصحة الحديث. واللَّه تعالى أعلم.

المسألة الثانية: في بيان مواضع ذكر المصنّف له:


(١) - "شرح مسلم" ج ٦ ص ١٨١ - ١٨٢.
(٢) - في هذا الكلام نظر لا يخفى, لأن أبا داود -رَحِمَهُ اللَّهُ- لم يلتزم أن يخرّج الصحيح المتصل عنده في كتابه حتى يُستدلّ بصنيعه هذا على صحة الحديث عنده، فتأمل.
(٣) - "التمهيد" ج ١٦ ص ٣٢٨.