للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ووقع في رواية مسلم: "فقالت امرأة من سِطة النساء"، قال النووي: هكذا هو في النسخ "سِطَة" بكسر السين، وفتح الطاء المخفّفة، وفي بعض النسخ "واسطة النساء". قال القاضي: معناه من خيارهنّ، والوَسَطُ العدلُ والخيارُ، قال: وزعم حُذّاق شيوخنا أن هذا الحرف مغير في كتاب مسلم، وأن صوابه "من سفلة النساء"، وكذا رواه ابن أبي شيبة في "مسنده"، والنسائي في "سننه"، وفي رواية لابن أبي شيبة "امراة ليست من علية النساء"، وهذا ضدّ التفسير الأول، ويعضده قوله بعده: "سفعاء الخدين". هذا كلام القاضي.

قال النووي: وهذا الذي ادّعوه من تغيير الكلمة غير مقبول، بل هي صحيحة، وليس المراد بها من خيار النساء، كما فسّره هو، بل المراد امرأة من وسط النساء، جالسة في وسطهنّ، قال الجوهري وعيره من أهل اللغة: يقال: وَسَطتُ القوم أَسِطُهُم وَسْطًا، وسِطَةً: أي توسطتُهُم انتهى (١).

(سَفْعَاءُ الخَدَّيْنِ) بفتح السين، بوزن حمراء: أي ليهما تغير وسواد، السُّفْعَةُ نوع من السواد، وليس بالكثير، وقيل: هي سواد مع لون آخر (٢). وقال الفيومي: السُّفْعَة وِزَان غُرْفة: سواد مُشْرب بحمرة، وسَفِعَ الشيءُ، من باب تَعِبَ: إذا كان لونه كذلك، فالذكر أسفَعُ، والانثى سَفْعاء، مثل أحمر وحمراء انتهى. (بِمَ) وفي نسخة "لم؟ " باللام بدل الباء (يَا رسُولَ اللَّهِ؟) أي بأيّ سبب كان أكثرنا حطب جهنم؟ (قال: تُكْثِرْنَ) من الإكثار، وفي نسخة "يُكثرن الشكاة، ويكفرن العشير" بالياء في الموضعين (الشَّكَاةَ) بفتح الشين، أي التشكّي. قال القرطبي: يعني التشكّي بالأزواج، أي يكتمن الإحسان,

ويُظهرن التشكّي كثيرًا انتهى (٣). (وتَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ) فعِيل بمعنى مُعاشر، مثل أَكِيل بمعنى مؤاكل، أي تجحدن حقّ الخليط، وهو الزوج، أو أعمّ من ذلك. أفاده في "الفتح".

وقال القرطبي: و"العشير": الزوج، وهو معدول عن اسم الفاعل للمبالغة، من المعاشرةِ والعِشْرةِ، وهي الْخُلْطَة، قال الخليل: يقال: هذا عَشِيرك، وشَعِيرك على القلب انتهى (٤).

وقال القاضي أبو بكر ابن العربيّ: وخصّ كفران العشير من بين أنواع الذنوب لدقيقة بديعة، وهي قوله - صلى اللَّه عليه وسلم -: "لو أمرت أحدًا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد


(١) - "شرح مسلم" ج٦ ص ١٧٥.
(٢) - "زهر الربى" ج٣ ص ١٨٧.
(٣) - "المفهم" ج٢ - عَزَّ وَجَلَّ- ص ٥٣١.
(٤) - "المفهم" ج٢ ص ٥٣١ - ٥٣٢.