للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أنه ابتدأها، وفي رواية عُبيد بن عُمير، عنها عند مسلم أنها قالت للعّابين: "وددتُ أني أراهم"، ففي هذا أنها سألت، ويُجمَع بينهما بأنها التمست منه ذلك، فأذن لها. وفي رواية النسائي من طريق أبي سلمة، عنها: "دخل الحبشة، يلعبون، فقال لي النبي - صلى اللَّه عليه وسلم -: يا حُميراء، أتحبين أن تنظري إليهم؟ فقلت: نعم"، إسناده صحيح.

قال الحافظ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: ولم أر في حديث صحيح ذكر الحميراء إلا في هذا.

وفي رواية أبي سلمة هذه من الزيادة عنها، قالت: "ومن قولهم يومئذ: أبا القاسم طيبًا"، كذا فيه بالنصب، وهو حكاية قول الحبشة، ولأحمد، والسراج، وابن حبّان من حديث أنس - رضي اللَّه عنه -:"أن الحبشة كانت تَزفِن بين يدي النبي - صلى اللَّه عليه وسلم -، ويتكلّمون بكلام لهم، فقال: "ما يقولون؟ قال: يقولون: محمد عبد صالح (١). ولفظ أحمد: كانت الحبشة يزفنون بين يدي رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، ويرقصون، ويقولون: محمد عبد صالح، فقال رسول اللَه - صلى اللَّه عليه وسلم -: "ما يقولون؟ "، قالوا: يقولون: محمد عبد صالح (٢).

(فَكُنْتُ أَطَّلِعُ إِلَيْهِمْ) أي أنظر إلى لعبهم (مِنْ فَوْقِ عَاتِقِهِ) هو ما بين المنكب والعنق، وهو موضع الرداء، ويذكّر، ويؤنّث، والجمع عواتق، قاله في "المصباح".

وفي رواية البخاري: "فأقامني وراءه، خدّي على خدّه". وفي رواية مسلم: "فوضعت رأسي على منكبه"، وفي رواية أبي سلمة المذكورة: "فوضعت ذَقَني على عاتقه، وأسندت وجهي إلى خدّه"، وفي رواية عُبيد بن عُمير، عنها "أنظر بين أذنه وعاتقه"، ومعانيها متقاربة، ورواية أبي سلمة أَبْيَنُها. وفي رواية الزهري، عن عروة الآتية في الباب التالي: "يسترني بردائه، وأنا أنظر".

قال الحافظ: ويتعقّب به على الزين بن المنيّر في استنباطه من لفظ حديث الباب جواز اكتفاء المرأة بالتستّر بالقيام خلف من تستتر به، من زوج، أو ذي رحم محرم، إذا قام ذلك مقام الرداء، لأن القصّة واحدة، وقد وقع فيها التنصيص على وجود التستر بالرداء انتهى (٣).

(فَمَا زِلْتُ أَنْظُرُ إِلَيْهِمْ) أي إلى لعبهم (حَتَّى كُنْتُ أَنَا الَّتِي انْصَرَفْتُ) وفي رواية الزهري عند البخاريّ "حتى أكون أنا الذي أسأم"، وفي رواية لمسلم من طريقه "ثم يقوم من أجلي حتى أكون أنا الذي أنصرف"، وفي رواية يزيد بن رُومان عند النسائي في - الكبرى ١٨/ ٨٩٥٧ - أَمَا شَبِعتِ؟ قالت: فجعلت أقول: لا، لأنظر منزلتي عنده"، وله


(١) - راجع "الفتح" في ٣ ص ١١٨.
(٢) - راجع "المسند" ج ٣ ص ١٥٢.
(٣) - "فتح" ج ٣ ص ١١٨ - ١١٩.