للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ أَبُو مِخْنَفٍ: فَحَدَّثَنِي أَبُو جَعْفَرٍ الْعَبْسِيُّ قَالَ: وَقَامَ يَحْيَى بْنُ الْحَكَمِ- أَخُو مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ- فَقَالَ: -

لَهَامٌ بِجَنْبِ الطَّفِّ أَدْنَى قَرَابَةً ... مِنِ ابْنِ زِيَادِ الْعَبْدِ ذِي الْحَسَبِ الوغل

سمية أضحى نسلها عدد الحصى ... وليس لآل المصطفى اليوم من نَسْلُ

قَالَ: فَضَرَبَ يَزِيدُ فِي صَدْرِ يَحْيَى بن الحكم وقال له: اسْكُتْ، وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ الرَّازِيُّ- وَهُوَ شِيعِيٌّ-: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْأَحْمَرِيُّ ثَنَا لَيْثٌ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ، لَمَّا جِيءَ بِرَأْسِ الْحُسَيْنِ فَوُضِعَ بَيْنَ يَدَيْ يَزِيدَ تَمَثَّلَ بِهَذِهِ الْأَبْيَاتِ: -

لَيْتَ أَشْيَاخِي بِبَدْرٍ شَهِدُوا ... جَزَعَ الْخَزْرَجِ في وَقْعِ الْأَسَلْ

فَأَهَلُّوا وَاسْتَهَلُّوا فَرَحًا ... ثُمَّ قَالُوا لي هنيا لا تسل

حين حكت بفناء بركها ... واستحر القتل في عبد الأسل

قد قتلنا الضعف من أشرافكم ... وَعَدَلْنَا مَيْلَ بَدْرٍ فَاعْتَدَلَ [١]

قَالَ مُجَاهِدٌ: نَافَقَ فِيهَا، وَاللَّهِ ثُمَّ وَاللَّهِ مَا بَقِيَ فِي جيشه أحد إلا تركه أي ذمه وعابه.

وقد اختلف العلماء بعدها في رأس الحسين هل سيّره ابن زياد إلى الشام إلى يزيد أم لا، على قولين، الأظهر منهما أنه سيره إليه، وَقَدْ وَرَدَ فِي ذَلِكَ آثَارٌ كَثِيرَةٌ فاللَّه أعلم. وقال أَبُو مِخْنَفٍ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ الثُّمَالِيِّ عَنْ عبد الله اليماني عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ بُخَيْتٍ، قَالَ: لَمَّا وُضِعَ رَأْسُ الْحُسَيْنِ بَيْنَ يَدَيْ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ جَعَلَ يَنْكُتُ بِقَضِيبٍ كَانَ فِي يَدِهِ فِي ثَغْرِهِ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ هَذَا وَإِيَّانَا كَمَا قال الحصين ابن الْحُمَامِ الْمُرِّيُّ: -

يُفَلِّقْنَ هَامًا مِنْ رِجَالٍ أَعِزَّةٍ ... عَلَيْنَا وَهُمْ كَانُوا أَعَقَّ وَأَظْلَمَا

فَقَالَ لَهُ أَبُو بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيُّ: أَمَا وَاللَّهِ لَقَدْ أَخَذَ قَضِيبُكَ هَذَا مَأْخَذًا لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْشُفُهُ، ثُمَّ قَالَ: ألا إِنَّ هَذَا سَيَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَشَفِيعُهُ مُحَمَّدٌ، وَتَجِيءُ وَشَفِيعُكَ ابْنُ زِيَادٍ. ثُمَّ قَامَ فَوَلَّى. وَقَدْ رَوَاهُ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا عَنْ أَبِي الْوَلِيدِ عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ أَسَدٍ عن عمار الدّهنى عن جَعْفَرٍ. قَالَ:

لَمَّا وُضِعَ رَأْسُ الْحُسَيْنِ بَيْنَ يدي يزيد وعنده أبو برزة وجعل ينكت بالقضيب فقال له: «ارْفَعْ قَضِيبَكَ فَلَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَلْثَمُهُ» . قَالَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا: وَحَدَّثَنِي مَسْلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ عَنِ الْحُمَيْدِيِّ عَنْ سُفْيَانَ سَمِعْتُ سَالِمَ بْنَ أَبِي حَفْصَةَ قَالَ قَالَ الْحَسَنُ: لَمَّا جِيءَ بِرَأْسِ الْحُسَيْنِ جعل يزيد


[١] بالهامش: لا يتصور أن يكون يزيد قد تمثل بهذه الأبيات هذه الأيام، فان المؤرخين قاطبة ذكروا أنه تمثل بها لما جاءه خبر وقعة الحرة بالمدينة الشريفة، وقتل الأنصار، ووقعة الحرة بعد هذه كما ستراه. وأيضا فان قضية الحسين رضى الله عنه لم يكن حاضرها أحد من الخزرج، يعلم ذلك من الإلمام بالأخبار وأيام الناس والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>