للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الناس. قال: إن الله قتله، فسكت، فقال: مالك لا تتكلم؟ فقال الله يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها ٣٩: ٤٢ وَما كانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ الله ٣: ١٤٥ قال: أنت والله منهم، ويحك!! انظروا هذا أدرك؟

والله إني لأحسبه رجلا، فكشف عنه مري بن معاد الأحمري فقال: نعم قد أدرك، فقال: اقتله، فقال على بن الحسين: من يوكل بهذه النسوة؟ وتعلقت به زينب عمته فقالت: يا ابن زياد حسبك منا ما فعلت بنا، أما رويت من دمائنا؟ وهل أبقيت منا أحدا؟ قال: واعتنقته وقالت: أسألك باللَّه إن كنت مؤمنا إن قتلته لما قتلني معه، وناداه على فقال: يا ابن زياد!! إن كان بينك وبينهن قرابة فابعث معهن رجلا تقيا يصحبهن بصحبة الإسلام. قال: فنظر إليهن ساعة ثم نظر إلى القوم فقال: عجبا للرحم!! والله إني لأظن أنها ودّت لو أنى قتلته أن أقتلها معه، دعوا الغلام، انطلق مع نسائك. قال: ثم إن ابن زياد أمر بنساء الحسين وصبيانه وبناته فجهزن إلى يزيد، وأمر بعلي بن الحسين فغل بغل إلى عنقه، وأرسلهم مع محقر بن ثعلبة العائذى- من عائذة قريش- ومع شمر بن ذي الجوشن قبحه الله، فلما بلغوا باب يزيد بن معاوية رفع محقر بن ثعلبة صوته فقال: هذا محقر بن ثعلبة، أنى أمير المؤمنين باللئام الفجرة، فأجابه يزيد بن معاوية: ما ولدت أم محقر شر وألأم] [١] .

فلما دخلت الرءوس والنساء على يزيد دعا أشراف الشام فأجلسهم حوله، ثم دعا بعلي بن الحسين وصبيان الحسين ونسائه، فأدخلن عليه والناس ينظرون، فقال لعلى بن الحسين: يا على أبوك قَطَعَ رَحِمِي وَجَهِلَ حَقِّي وَنَازَعَنِي سُلْطَانِي، فَصَنَعَ اللَّهُ بِهِ مَا قَدْ رَأَيْتَ. فَقَالَ عَلِيٌّ: مَا أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا في أَنْفُسِكُمْ إِلَّا في كِتابٍ ٥٧: ٢٢ فقال يزيد لابنه خالد: أجبه. قَالَ: فَمَا دَرَى خَالِدٌ مَا يَرُدُّ عَلَيْهِ، فقال له يزيد: قل ما أَصابَكُمْ من مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ ٤٢: ٣٠ فَسَكَتَ عَنْهُ سَاعَةً ثُمَّ دَعَا بِالنِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ فرأى هيئة قبيحة، فقال: قبح الله بن مرجانة، لو كانت بينهم وبينه قرابة ورحم ما فعل هذا بهم، وَلَا بَعَثَ بِكُمْ هَكَذَا. وَرَوَى أَبُو مِخْنَفٍ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ كَعْبٍ عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ عَلِيٍّ قَالَتْ: لَمَّا أُجْلِسْنَا بَيْنَ يَدَيْ يَزِيدَ رَقَّ لَنَا وَأَمَرَ لَنَا بِشَيْءٍ وَأَلْطَفنَا، ثُمَّ إِنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الشَّامِ أَحْمَرَ قَامَ إِلَى يَزِيدَ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ هَبْ لِي هَذِهِ- يَعْنِينِي- وَكُنْتُ جَارِيَةً وَضِيئَةً، فَارْتَعَدْتُ فَزِعَةً مِنْ قَوْلِهِ، وَظَنَنْتُ أَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ لَهُمْ، فَأَخَذْتُ بِثِيَابِ أُخْتِي زَيْنَبَ- وَكَانَتْ أَكْبَرَ مِنِّي وَأَعْقَلَ، وَكَانَتْ تَعْلَمُ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ- فَقَالَتْ لِذَلِكَ الرَّجُلِ: كَذَبْتَ وَاللَّهِ وَلَؤُمْتَ، ما ذلك لك وله: فَغَضِبَ يَزِيدُ فَقَالَ لَهَا: كَذَبْتِ! وَاللَّهِ إِنَّ ذَلِكَ لِي، وَلَوْ شِئْتُ أَنْ أَفْعَلَهُ لَفَعَلْتُ. قَالَتْ: كَلَّا! وَاللَّهِ مَا جَعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ لَكَ إِلَّا أَنْ تَخْرُجَ مِنْ مِلَّتِنَا وَتَدِينَ بِغَيْرِ دِينِنَا. قَالَتْ: فَغَضِبَ يَزِيدُ وَاسْتَطَارَ ثُمَّ قَالَ: إِيَّايَ تَسْتَقْبِلِينَ بِهَذَا؟ إِنَّمَا خَرَجَ مِنَ


[١] سقط من المصرية

<<  <  ج: ص:  >  >>