عمر، على اختلاف عنه، فرَوَى ابنُ أبي شيبة في "المصنف" من رواية إبراهيم، قال: قال ابن مسعود: ما بال الرجل إذا صلى الركعتين، يتمعّك كما تتمعّك الدابّة، أو الحمار، إذا سلّم، فقد فصل. وروى ابن أبي شيبة أيضًا من رواية مجاهد قال: صحبت ابن عمر في السفر والحضر، فما رأيته اضطجع بعد ركعتي الفجر. وروى سعيد بن المسيِّب عنه أنه رأى رجلاً يضطجع بعد الركعتين، فقال: احصبوه. وروى أبو مِجْلَز عنه أنه قال: إن ذلك من تلعب الشيطان. وفي رواية زيد العمّيّ، عن أبي الصدّيق الناجيّ، عنه أنه قال: إنها بدعة. ذكر ذلك جميعه ابن أبي شيبة.
وممن كره ذلك من التابعين الأسود بن يزيد، وإبراهيم النخعيّ، وقال: هي ضِجْعَة الشيطان، وسعيد بن المسيب، وسعيد بن جُبير.
ومن الأئمة مالك، وحكاه القاضي عياض عن جمهور العلماء.
القول الرابع: أنه خلاف الأولى، رَوَى ابن أبي شيبة عن الحسن أنه كان لا يُعجبه الاضطجاع بعد ركعتي الفجر.
القول الخامس: التفرقة بين من يقوم بالليل، فيستحبّ له ذلك للاستراحة، وبين غيره فلا يشرع له، واختاره ابن العربيّ، وقال: لا يضطجع بعد ركعتي الفجر لانتظار الصلاة إلا أن يكون قام الليل، فيضطجع، استجماما (١) لصلاة الصبح، فلا بأس، ويشهد لهذا ما رواه الطبرانيّ، وعبد الرزّاق، عن عائشة - رضي اللَّه عنها -، أنها كانت تقول:"إن النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - لم يضطجع لسنّة، ولكنه كان يَدْأب ليله، فيستريح". وهذا لا تقوم به حجّة، أما أوّلاً، فلأن في إسناده راويًا لم يُسمّ، كما قال الحافظ في "الفتح". وأما ثانيًا فلأن ذلك ظنّ منها، وتخمين، وليس بحجة، وقد روت أنه كان يفعله، والحجّة في فعله، وقد ثبت أمره به، فتأكّد بذلك مشروعيّته.
القول السادس: أن الاضطجاع ليس مقصودًا لذاته، وإنما المقصود الفصل بين ركعتي الفجر، وبين الفريضة، رَوَى ذلك البيهقيّ عن الشافعيّ. وفيه أن الفصل يحصل بالقعود، والتحوّل, والتحدّث، وليس بمختصّ بالاضطجاع. قال النووي: والمختار الاضطجاع، لظاهر حديث أبي هريرة - رضي اللَّه عنه -.
وقد أجاب من لم ير مشروعية الاضطجاع عن الأحاديث المذكورة بأجوبة:
منها: أن حديث أبي هريرة من رواية عبد الواحد بن زياد، عن الأعمش، وقد تَكَلّم فيه بسبب ذلك يحيى بنُ سعيد القطّان، وأبو داود الطيالسيّ، قال يحيى بن سعيد: ما