للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يكون أول صفر الأحد، فيكون تاسع عشرينه الأربعاء؟ والغرض أن ذا الحجة أوله الخميس، فلو فُرض هو والمحرم كاملين لكان أول صفر الاثنين، فكيف يتأخر إلى يوم الأربعاء؟، فالمعتمد ما قال أبو مِخْنف (١)، وكأن سبب غلط غيره أنهم قالوا: مات في ثاني شهر ربيع الأول، فتغيرت، فصارت ثاني عشر، واستمرّ الوهم بذلك يتبع بعضهم بعضًا من غير تأمل. واللَّه أعلم.

وقد أجاب القاضي بدر الدين ابن جماعة بجواب آخر، فقال: يحمل قول الجمهور لاثنتي عشرة ليلة خلت، أي بأيامها، فيكون موته في اليوم الثالث عشر، ويفرض الشهور كوامل، فيصحّ قول الجمهور. ويعكر عليه ما يعكر على الذي قبله مع زيادة مخالفة اصطلاح أهل اللسان في قولهم: لاثنتي عشرة، فإنهم لا يفهمون منها إلا مضيّ الليالي، ويكون ما أرّخ بذلك واقعًا في اليوم الثاني عشر انتهى كلام الحافظ -رحمه اللَّه تعالى- (٢).

وقد عقد الحافظ أبو الفضل العراقيّ -رحمه اللَّه تعالى- في آخر "ألفية السيرة" بابًا أفرده لذكر مرض النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - ووفاته، فقال:

"باب ذكر مرضه، ووفاته - صلى اللَّه عليه وسلم -"

مَرِضَ فِي العَشْرِ الأَخِيرِ مِن صَفَرْ … أَقَامَ فِي شَكْوَاهُ ذَاكَ اثْنَي عَشَرْ

أَوْ عَشْرًا اوْ أَقَامَ أَربَع عَشْرَهْ … أَوْ فَثَلَاثَ عَشْرَةٍ قَدْ ذَكَرَهْ

كَذَا ابْنُ عَبدِ الْبَرِّ فِي رَبِيعِ … فِي يَوْمِ الاثْنَينِ لَدَى الْجَمِيعِ

وَفَاتُهُ إِما بِثَانِي الشهرِ … أَو مُستَهَلٍّ أَوْ بِثَانِي عَشْرِ

وَهوَ الذَي أَوْ رَدَهُ الْجُمْهُورُ … لَكِنْ عَلَيْهِ نَظَرٌ كَبِيرُ

لأَن وَقْفَةَ الْوَدَاعِ الْجُمُعَهْ … فلَا يَصِحُّ كَوْنُهَا فِيهِ مَعَهْ

وَقِيلَ بَل فِي ثَامِن بِالْجَزْمِ … وَهْوَ الذِي صَححَهُ ابْنُ حَزْمِ

وَكَانَ ذَاكَ عِنْدَ مَا اشتَدَّ الضُّحَى … أَو حِينَ زَاغَ الشَّمْسُ خُلْفٌ صُرِّحَا

غَسَلَهُ عَلِيٍّ وَالعَبَّاسُ … وَقُثَمٌ وَالْفَضْلُ ثُمَّ نَاسُ

أُسَامَةٌ شُقْرَانُ يَصْبُبَانِ … الْمَا وَأَوسٌ حَاضِرُ الْمَكَانِ

وَقِيلَ كانَ يَنْقُلُ الْمَاءَ لَهُ … وَإِنَّ عَمَّهْ لَمْ يُشَاهِدْ غَسْلُهُ


(١) -يعني قوله: مات في ثاني ربيع الأول.
(٢) - "فتح" ج ٨ ص ٤٧٣ - ٤٧٤.