للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وفي رواية له من طريق الزهري، عن أبي سلمة، عن عبد اللَّه بن عباس: "أن أبا بكر - رضي اللَّه عنه - خرج، وعمر بن الخطاب يكلم الناس، فقال: اجلس يا عمر، فأبى عمر أن يجلس، فأقبل الناس إليه، وتركوا عمر، فقال أبو بكر: أما بعد، من كان منكم يعبد محمدًا - صلى اللَّه عليه وسلم - … " الحديث، وفيه: "قال. واللَّه لكأن الناس لم يكونوا يعلمون أن اللَّه أنزل هذه الآية حتى تلاها أبو بكر - رضي اللَّه عنه -، فتلقاها الناس منه، كلهم، فما أسمَعُ بشرًا من الناس إلا يتلوها".

فأخبرني (١) سعيد ابن المسيب أن عمر قال: واللَّه ما هو إلا أن سمعت أبا بكر تلاها، فعُقِرتُ (٢)، حتى ما تُقلّني رجلايَ، وحتى أهويتُ إلى الأرض حين سمعته تلاها أن النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - قد مات انتهى.

وعند أحمد من طريق يزيد بن بابَنُوس، عن عائشة - رضي اللَّه عنها -: " … فجاء عمر والمغيرة ابن شعبة، فاستأذنا، فأذنت لهما، وجذبت الحجاب، فنظر عمر إليه، فقال: واغشيتاه، ثم قاما، فلما دنوا من الباب قال المغيرة: يا عمر مات، قال: كذبتَ، بل أنت رجل تحُوشك فتنة، إن رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - لا يموت حتى يُفني اللَّه المنافقين، ثم جاء أبو بكر، فرفعتُ الحجاب، فنظر إليه، فقال: إنا للَّه وإنا إليه راجعون، مات رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -".

وروى ابن إسحاق، وعبد الرزاق، والطبرانيّ من طريق عكرمة: "أن العباس قال لعمر: هل عند أحد منكم عهد من رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - في ذلك؟ قال: لا، قال: فإن رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - قد مات، ولم يمت حتى حارب، وسالم، ونكح، وطلّق، وترككم على مَحَجّة واضحة".

قال الحافظ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: وهذه من موافقات العباس للصدّيق في حديث ابن عمر عند ابن أبي شيبة: "أن أبا بكر مرّ بعمر، وهو يقول: ما مات رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، ولا يموت حتى يقتل اللَّه المنافقين، وكانوا أظهروا الاستبشار، ورفعوا رؤوسهم، فقال: أيها الرجل إن رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - قد مات, ألم تسمع اللَّه تعالى يقول: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} [الزمر: ٣٠]، وقال تعالى: {وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ} الآية [الأنبياء: ٣٤]، ثم أتى المنبر، فصعد، فحمد اللَّه، وأثنى عليه، فذكر خطبته".

وفي رواية يزيد بن بابنوس، عن عائشة - رضي اللَّه عنها -: "إن أبا بكر حمد اللَّه، وأثنى عليه، ثم قال: إن اللَّه يقول: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} حتى فرغ من الآية، ثم تلا {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ} الآية، وقال فيه: قال عمر: أَوَ إنها في كتاب اللَّه؟ ما


(١) - القائل: فأخبرني سعيد هو الزهريّ، كما بينه في "الفتح" ج ٨ ص ٤٩٤.
(٢) - بضم، فكسر: أي هلكت.