للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وإلا فحياتك محبوبة لدينا لجميل سعيك فى الإسلام والخير انتهى (١) ("أَبَا الرَّبِيع") بحذف حرف النداء، أي يا أبا الربيع، وهو كنية عبد اللَّه بن ثابث - رضي اللَّه عنه - (فَصِحْنَ النِّسَاءُ) بكسر الصاد المهملة، أي صَرَخْنَ، يقال: صاح بالشيء يَصِيح به صَيْحَةً، وصِيَاحًا: صَرَخَ. قاله في "المصباح". وفي نسخة: "فصحن النسوة".

وفيه إلحاق نون النسوة مع إسناد الفعل للظاهر، وهو لغة "أكلوني البراغيث"، ولغة الأكثرين "فصاح النساء"، وإلى هذا أشار في "الخلاصة" حيث قال:

وَجَرِّدِ الْفِعْلَ إِذَا مَا أُسْنِدَا … لاثْنَيْنِ أَوْ جَمْعِ كَفَازَ الشُّهَدَا

وَقَدْ يُقَالُ سَعِدَا وَسَعِدُوا … وَالْفِعْلُ للظَّاهِرِ بَعْدُ مُسْنَدُ

(وَبَكَيْنَ، فَجَعَل) أي شَرَعَ (ابْنُ عَتِيكِ) وهو جابر المتقدّم (يُسَكِّتُهُنَّ) أي يأمرهنّ بالسكوت، لكونه سمع النهي عن البكاء، فحمله على عمومه (فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -: دَعْهُنَّ) أي اتركهنّ يبكين حتى يموت (فَإِذَا وَجَبَ) أي مات, فيه أن النهي عن البكاء يكون بعد الموت، لا في قربه، وفي نسخة: "فإذا وجبت"، فيكون الضمير للمصيبة: أي نزلت المصيبة (فَلَا تبْكِيَنَّ بَاكِيَةٌ) أي امرأة باكية، وخصّ المرأة لغلبة البكاء عليها، أو المراد نفس باكية، فيعمّ الرجال أيضًا، أي لا ترفع صوتها بالبكاء، أما دمع العين، وحزن القلب، فالسنّة ثابتة بإباحة ذلك في كلّ وقت، وعليه جماعة العلماء، كما قاله الحافظ أبو عمر ابن عبد البرّ -رحمه اللَّه تعالى-.

وقال الباجيّ -رحمه اللَّه تعالى-: أشار به -واللَّه أعلم- إلى بكاء مخصوص، وهو ما جَرَت به العادة، من الصِّيَاح، والدعاء بالويل والثبور، وفي الحديث: "إن اللَّه لا يُعذّب بدمع العين، ولا بحزن القلب، ولكن يعذّب بهذا، أو يرحم، وأشار إلى لسانه" انتهى (قَالُوا: وَمَا الْوُجُوبُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟) أي ما المراد بالوجوب في قولك: "وجب"؟ (قَالَ) - صلى اللَّه عليه وسلم - ("الْمَوْتُ") ولفظ "الموطإ": قال: "إذا مات"، قال الحافظ أبو عمر -رَحِمَهُ اللَّهُ-: فأظنّ ذلك -واللَّه أعلم- مأخوذا من وجب الحائط: إذا سقط، وانهدم انتهى (٢) (قَالَتِ ابْنَتُهُ: إِنْ كُنْتُ لَأَرْجُو) إن مخفّفة من الثقيلة، أي إني كنت، واللام هي الفارقة بين "إن" المخففة، والشرطية، كما قال في "الخلاصة":

وَخُفِّفَتْ "إِنَّ" فَقَلَّ الْعَمَلُ … وَتَلْزَمُ اللاَّمُ إِذَا مَا تُهْمَلُ

(أَنْ تَكُونَ شَهِيدًا، قد كُنْتَ قَضَيْتَ) أي أتممت. ولفظ "الموطإ": "فإنك كنت


(١) - "شرح السنديّ" ج ٤ ص ١٣.
(٢) - "التمهيد" بتصرف ج ١٩ ص ٢٠٤.