للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قضيت"، وهو في قوة التعليل، أي لأنك كنت قضيت، والخطاب لأبيها (جَهَازَكَ) بفتح الجيم وقد تُكسر: أي ما تحتاج إليه في سفرك للغزو. وقال الفيّومي -رَحِمَهُ اللَّهُ-: جَهَازُ السفر: أُهْبَته، وما يُحتاج إليه في قطع المسافة بالفتح، وبه قرأ السبعة في قوله تعالى: {فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ} الآية [يوسف: ٧٠]، والكسر لغة قليلة، وجَهَاز العَرُوس باللغتين أيضًا انتهى.

وقال السنديّ: والمراد تمّمت جهاز آخرتك، وهو العمل الصالح بالموت انتهى.

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: ما قاله السنديّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- فيه بعد، بل الأقرب أن المراد جهاز الغزو، أي إنك تأهبت للغزو في سبيل اللَّه تعالى، ولمن سبقك الموت. واللَّه تعالى أعلم.

(قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -: "فَإِن اللَّهَ -عَزَّ وَجَلَّ-، قَد أَوْقَعَ أَجْرَهُ) أي أثبت، وأوجب بمقتضى وعده الذي لا يُخلفه، حيث وعد بقوله: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} [التوبة: ١٢٠]، وقوله: {وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ} الآية [التوبة: ٧٢]، وقال: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ} [الرعد: ٣١]، (عَلَيْهِ) أي على عمله، فهو متعلّق بـ "أجره"، أو على ذاته، فهو متعلّق بـ "أوقع" (عَلَى قَدْرِ نِيَّتِهِ) أي مقدار العمل الذي نواه، فالنيّة بمعنى المنويّ، ويحتمل أن له من الأجر بقدر ما يجب لنيته، وهذا أظهر من جهة اللفظ، والأول أظهر من جهة المعنى، لأن القصد أن يُخبِر أن ما نواه لم يفته، ولو لم يكن له من الأجر إلا بقدر النيّة لَمَا كان لابنته في ذلك راحة. قاله الباجي (١).

(وَمَا تَعُدُّونَ الشَّهَادَةَ؟) "ما" استفهامية، أي كم تعدّون أسباب الشهادة؟ (قَالُوا: الْقَتْلُ

فِي سَبِيل اللَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ-، قَالَ) وفي "الموطإ" "فقال" (رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -) زاد ابن ماجه من حديث أبَي هريرة، ومن وجه آخر من حديث جابر بن عَتيك نفسِهِ: "إن شهداء أمتي إذن لقليل" (الشَّهَادَةُ سَبْعٌ) اختُلف في سبب تسمية الشهيد شهيدًا، فقال النضر بن شُميل: لأنه حيّ، فكأن أرواحهم شاهدة، أي حاضرة. وقال ابن الأنباريّ: لأن اللَّه وملائكته يشهدون له بالجنّة. وقيل: لأنه يَشهد عند خروج روحه ما أُعِدّ له من الكرامة. وقيل: لأنه يُشهَد له بالأمان من النار. وقيل: لأن عليه شاهدًا بكونه شهيدًا. وقيل: لأنه لا يشهده عند الموت إلا ملائكة الرحمة. وقيل: لأنه الذي يشهد يوم القيامة بإبلاغ الرسل. وقيل: لأن الملائكة تشهد له بحسن الخاتمة. وقيل: لأن الأنبياء تشهد له


(١) - راجع "شرح الزرقاني إلى الموطإ" ج ٢ ص ٧٢.