للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

رأس المال، وأنه مقدّم على الدين وغيره، لأن النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - أمر بتكفينه في ثوبيه، ولم يستفصل هل عليه دين مستغرق، أم لا؟ ومنها: أن التكفين واجب، قال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-. وهو إجماع في حقّ المسلم، وكذلك غسله، والصلاة عليه، ودفنه انتهى. (١)

ومنها: استحباب دوام التلبية في الإحرام، واستحباب التلبيد. ومنها: إباحة غسل المحرم الحيّ بالسدر، خلافًا لمن كرهه له. ومنها: أن الوتر في الكفن ليس بشرط في الصحّة، بل هو مستحبّ لغير المحرم، وهو قول الجمهور، واختلف فيما إذا شحّ بعض الورثة بالثاني، أو الثالث، والمرجّح أنه لا يلتفت إليه، وأما الواحد الساتر لجميع البدن، فلا بدّ منه بالاتفاق. (٢) ومنها: أن الإحرام يتعلّق بالرأس، وسيأتي الكلام على ما وقع في -٤٧/ ٢٧١٤ - بلفظ: "ولا تخمروا وجهه، ورأسه الخ" في محله إن شاء اللَّه تعالى. ومنها: أن من شرع في عمل طاعة، ثم حال بينه وبين إتمامه الموت يُرجَى له أن اللَّه يكتبه في الآخرة من أهل ذلك العمل. ومنها: أنه يدلّ على ترك النيابة في الحجّ، لأنه - صلى اللَّه عليه وسلم - لم يأمر أحدًا أن يُكَمِّل عن هذا المحرم أفعال الحجّ. هكذا قيل، وفيه نظر لا يخفى. (٣) ومنها: أنه استنبط الإمام الشافعي، وتبعه المزنيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- من هذا الحديث جواز قطع شجر السدر، لقوله: "اغسلوه بماء وسدر". وأما حديث: "من قطع شجر سدر، صوّب اللَّه رأسه في النار". حديث صحيح أخرجه أبو داود، فمحمول على من قطع ما يَستَظِلُّ به ابنُ السبيل، والبهائم عبثا بغير حقّ، وقيل: غير ذلك. واللَّه تعالى أعلم.

[تنبيه]: أغرب القرطبيّ، فحكى عن الشافعيّ أن المحرم لا يصلَّى عليه، وليس ذلك بمعروف عنه. ذكره في "الفتح" (٤). واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

المسألة الرابعة: في اختلاف العلماء فيما يُفعل بالمحرم إذا مات:

قال الإمام ابن المنذر -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-: وقد اختلف أهل العلم في تخمير رأس المحرم الميت، وتطييبه، فقالت طائفة: يُصنع به كما يُصنع بسائر الموتى، هذا قول عائشة، وبه قال عمر، وطاوس، والأوزاعيّ، وأصحاب الرأي، وقال مالك: لا بأس بأن يُحنِّطَ الحلالُ المحرمَ الميتَ بالطيب.

وقالت طائفة: لا يُغطى رأسه، ولا يُمسّ طيبا، رُوي هذا القول عن عليّ - رضي اللَّه عنه -،


(١) - "شرح مسلم" ج ٨ ص ٣٦٦.
(٢) - "فتح" ج ٣ ص ٣٧٧.
(٣) - "فتح" ج ٣ ص ٣٧٧.
(٤) - "فتح"ج ٣ ص ٤٨٠.