للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

هذا الاحتمال مرجوح، للعلم بعدالته، ومعرفته بمدلولات الألفاظ لغة.

الثالثة: قوله: أُمرنا، ونُهينا على البناء للمجهول، وهي كالثانية، وإنما نزلت عنها، لاحتمال أن يكون الآمر غير النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - انتهى (١).

(أَمَرَنَا) بدل تفصيل من قوله: "أمرنا رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، بدلُ فعل من فعل، كما قال في "الخلاصة":

وَيُبْدَلُ الْفِعْلُ مِنَ الْفِعْلِ كَمَنْ … بَصِلْ إِلَيْنَا يَسْتَعِنْ بِنَا يُعَنْ

(بِعِيَادَةِ الْمَرِيضِ) متعلّق بـ "أمرنا"، وهو بكسر العين المهملة، وتخفيف التحتانيّة مصدر عاده، يقال: عُدتُ المريضَ عِيَادةً: زُرتُهُ، فالرجل عائد، وجمعه عُوّاد، والمرأة عائدةٌ، وجمعها عُوَّد بغير ألف، قال الأزهريّ: هكذا كلام العرب. قاله في "المصباح". وقد أشار ابن مالك -رَحِمَهُ اللَّهُ- إلى أن فُعّالاً بالألف للمذكّر فقط، دون الفُعَّل بلا ألف، فإنه للمذكر والمؤنث، حيث قال في "خلاصته":

وَفُعَّلٌ لِفَاعِلٍ وَفَاعِلَهْ … وَصْفَيْنِ نَحْوُ عَاذِلٍ وَعَاذِلَهْ

وِمِثْلُهُ الْفُعَّالُ فِيمَا ذُكَّرَا … وَذَانِ فِي الْمُعَلِّ لَامّا نَدَرَا

(وَتَشْمِيتِ الْعَاطِسِ) تقدّم في الباب الماضي ضبطه بالمعجمة، والمهملة، واختلاف العلماء في تفسيره (وَإِبْرَارِ الْقَسَمِ) بكسر الهمزة، مصدر أبَرّه، و"القسم" بفتحتين: اليمين، ومعنى "إبرار القسم": فعل ما أراده الحالف ليصير بذلك بارّا، ووقع في "الكبرى بلفظ: "وإبرار المقسم"، وظاهر كلام السنديّ أنه يوجد بهذا الضبط أيضًا في بعض نسخ "المجتبى".

وقال الإمام ابن دقيق العيد -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-: قوده: "إبرار القَسَم، أو المقسم": فيه وجهان: "أحدهما": أن يكون "المقسم" مضموم الميم، مكسور السين، ويكون في الكلام حذف مضاف، تقديره يمين المقسم. "والثاني": بفتح الميم (٢) والسين، على أن يكون بمعنى القسم، وإبراره هو الوفاء بمقتضاه، وعدم التحنيث فيه، فإن كان ذلك على سبيل اليمين، كما إذا قال: واللَّه لتفعلنّ كذا، فهو آكد مما إذا كان على سبيل التحليف، كقوله: باللَّه افعل كذا، لأن في الأول إيجاب الكفارة (٣) على الحالف، وفيه تغريم للمال، وذلك إضرار به انتهى (٤). ووقع في بعض روايات


(١) - راجع "الفتح" ج ١١ ص ٥٠٢ "كتاب اللباس" رقم الحديث ٥٨٦٣.
(٢) - يحتمل أن يكون بضم الميم أيضا، كما هو مقتضى ما يأتي عن عبارة الحافظ، فتنبّه.
(٣) - هذا مبنيّ على أنها تنعقد اليمين على الغير انتهى "عدة حاشية العمدة" ج ٤ ص ٤٩٣.
(٤) - "إحكام الأحكام" ج ٤ ص ٤٩٤ بنسخة الحاشية.