للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال الحافظ: وليس فى الحديث ما يقتضي ذلك، إلا من طريق المفهوم، فإن ورد منطوق بحصول القيراط لشهود الدفن وحده كان مقدّما، ويُجمع حينئذ بتفاوت القيراط، والذين أبوا ذلك، جعلوه من باب المطلق والمقيّد، نعم مقتضى جميع الأحاديث أن من اقتصر على التشييع، فلم يصل، ولم يشهد الدفن، فلا قيراط له، إلا على الريقة التي ذكرناها (١) عن ابن عقيل، لكن الحديث الذي أوردناه عن البراء في ذلك ضعيف. وأما التقييد بالإيمان، والاحتساب فلا بدّ منه، لأن ترتُّبَ الثواب على العمل يستدعي سبق النيّة فيه، فيخرج مَن فعل ذلك على سبيل المكافأة المجرّدة، أو على سبيل المحاباة، واللَّه أعلم انتهى (٢).

(جَنَارةً) وفي حديث أبي هريرة - رضي اللَّه عنه -: "من اتبع جنازة مسلم، إيمانا، واحتسابًا … ".

(حَتَّى يُصَلِّيَ عَلَيهَا) بكسر اللام، بالبناء للفاعل، ويحتمل أن تكون بالفتح على البناء للمفعول. قال في "الفتح" في حديث أبي هريرة - رضي اللَّه عنه -: واللام للأكثر مفتوحة، وفي بعض الروايات بكسرها، ورواية الفتح محمولة عليها، فإنّ حصول القيراط متوقف على وجود الصلاة من الذي يحصل له انتهى (٣).

وقال في موضع آخر: قوله: "حتى يصلي" بكسر اللام، ويروى بفتحها، فعلى الأول لا يحصل الموعود به، إلا لمن توجد منه الصلاة، وعلى الثاني قد يقال: يحصل له ذلك، ولو لم يُصَلِّ، أما إذا قصد الصلاة، وحال دونه مانع، فالظاهر حصول الثواب له مطلقًا، واللَّه أعلم انتهى (٤).

(كَانَ لَهُ مِنَ الْأَجْرِ قِيرَاطٌ) بكسر القاف. قال الجوهريّ: أصله قِرّاط بالتشديد، لأن جمعه قراريط، فأبدل من أحد حرفي تضعيفه ياء، قال: والقيراط نصف دانِق، وقال قبل ذلك: الدانق سدس الدرهم، فعلى هذا يكون القيراط جزءا من اثني عشر جزءا من الدراهم، وأما صاحب "النهاية"، فقال: القيراط جزء من أجزاء الدينار، وهو نصف عشره في أكثر البلاد، وفي الشام جزء من أربعة وعشرين جزءا.

ونقل ابن الجوزيّ عن ابن عَقِيل أنه كان يقول: القيراط نصف سدس درهم، أو نصف عشر دينار، والإشارة بهذا المقدار إلى الأجر المتعلّق بالميت في تجهيزه،


(١) - سيأتي ما نقله عن ابن عقيل قريبًا، إن شاء اللَّه تعالى.
(٢) - "فتح" ج ٣ ص ٥٥٥ - ٥٥٦.
(٣) - "فتح" ج ٣ ص ٥٥٥. كتاب الجنائز.
(٤) - "فتح" ج ١ ص ١٥٠ "كتاب الإيمان".