وغسله، وجميع ما يتعلّق به، فللمصلي عليه قيراط من ذلك، ولمن شهد الدفن قيراط، وذكر القيراط تقريبًا للفهم لما كان الإنسان يعرف القيراط، ويعمل العمل في مقابلته، وعدّ من جنس ما يعرف، وضرب له المثل بما يعلم انتهى. قال الحافظ: وليس الذي قاله سعيد، وقد روى البزّار من طريق عجلان، عن أبي هريرة، مرفوعًا:"من أتى جنازة في أهلها، فله قيراط، فإن تبعها، فله قيراط، فإن صلى عليها، فله قيراط، فإن انتظرها حتى تدفن، فله قيراط". فهذا يدلّ على أن لكلّ عمل من أعمال الجنازة قيراطًا، وإن اختلفت مقادير القراريط، ولا سيّما بالنسبة إلى مشقّة ذلك العمل، وسهولته، وعلى هذا فيقال: إنما خصّ قيراطي الصلاة والدفن بالذكر لكونهما المقصودين، بخلاف باقي أحوال الميت، فإنها وسائل.
ولكن هذا يخالف ظاهر سياق الحديث الذي عند البخاريّ في "كتاب الإيمان"، فإن فيه إن لمن تبعها حتى يصلى عليها، ويفرغ من دفنها قيراطين فقط. ويجاب عن هذا بأن القيراطين المذكورين لمن شهد، والذي ذكره ابن عقيل لمن باشر الأعمال التي يَحتَاج إليها الميتُ، فافترقا.
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: الحديث الذي ذكره الحافظ عن البزّار ضعيف، كما اعترف به هو في "الفتح" ج ٣ ص ٥٥٩، فكيف يؤيد به ما نقله عن ابن عَقيل؟، وكيف يستشكله مع حديث البخاريّ، فتفطّن.
قال: وقد ورد لفظ القيراط في عدّة أحاديث، فمنها ما يُحمل على القيراط المتعارف، ومنها ما يُحمل على الجزء في الجملة، وان لم تُعرف النسبة: فمن الأول حديث كعب بن مالك - رضي اللَّه عنه -، مرفوعًا:"إنكم ستفتحون بلدًا يُذكر فيها القيراط".
وحديث أبي هريرة - رضي اللَّه عنه -، مرفوعًا:"كنتُ أرعى غنما لأهل مكة بالقراريط". قال ابن ماجه عن بعض شيوخه: يعني كل شاة بقيراط. وقال غيره: قراريط جبل بمكة. ومن المحتمل حديث ابن عمر - رضي اللَّه عنهما - في الذين أُوتوا التوراة:"أعطوا قيراطًا قيراطًا"، وحديث الباب، وحديث أبي هريرة:"من اقتنى كلبا نقص من عمله كلّ يوم قيراط".
وقد جاء تعيين مقدار القيراط في حديث الباب بأنه مثل أُحُد. وفي رواية عند أحمد، والطبرانيّ في "الأوسط" من حديث ابن عمر: قالوا: يا رسول اللَّه، مثل قراريطنا هذه؟ قال:"بل مثلُ أحد".
قال النوويّ وغيره: لا يلزم من ذكر القيراط في الحديثين تساويهما، لأن عادة الشارع تعظيم الحسنات، وتخفيف مقابلها، واللَّه أعلم.
وقال ابن العربي القاضي: الذّرّة جزء من ألف وأربعة وعشرين جزءا من حبّة،