للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

إلى علمه وقُدرته، وهما أزليّان، لا أول لهما، ومقصود هذه الأحاديث كلها أنّ قدر اللَّه سبق على حدوث المخلوقات، وأن اللَّه تعالى يُظهر من ذلك ما شاء، لمن شاء، متى شاء، قبل وجود الأشياء انتهى (١). واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

المسألة الأولى: في درجته: حديث عائشة - رضي اللَّه تعالى عنها - هذا أخرجه مسلم.

المسألة الثانية: في بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:

أخرجه هنا -٥٨/ ١٩٤٧ - وفي "الكبرى" ٥٨/ ٢٠٧٤ - وأخرجه (م) ٦٧١٠ (د) ٤٧١٣ (ق) ٨٢ (أحمد) ٢٣٦١ و ٢٥٢١٤. واللَّه تعالى أعلم.

المسألة الثالثة: في فوائده:

منها: ما بوّب له المصنّف -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-، وهو مشروعية الصلاة على الصبيان.

ومنها: ما كان عليه النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - من شدّة العناية بأمور المسلمين، ولو كانوا صغارًا. ومنها: عدم القطع لأحد بالجنّة، ولو صغيرًا، تأدبًا مع اللَّه تعالى، فإنه الذي يعلم من هو أهل الجنة؟ ومنها: أن الجنة، والنار مخلوقتان الآن، وأن لهما أهلاً، لا يعلمهم إلا اللَّه تعالى. واللَّه تعالى أعلم.

المسألة الرابعة: في اختلاف أهل العلم في الصلاة على الصبيان:

قال الإمام ابن المنذر -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-: أجمع أهل العلم على أن الطفل إذا عرفت حياته، واستهلّ، صلّي عليه. واختلفوا في الصلاة على الطفل الذي لم يُعرف له حياة، فروينا عن ابن عمر، وابن عباس، وجابر أنه قالوا: إذا استهلّ المولود صلي عليه. وبه قال النخعيّ، والحسن، وعطاء، والزهريّ. وقال أحمد (٢)، والحكم، وحماد، ومالك، والأوزاعيّ، والشافعيّ: إذا لم يستهلّ لم يصلّ عليه، وبه قال أصحاب الرأي.

وقالت طائفة: يصلى عليه، وإن لم يستهلّ، يروى ذلك عن ابن عمر. وبه قال محمد بن سيرين، وسعيد بن المسيّب، وقال أحمد بن حنبل: إذا عُلم أنه ولد يغسل، ويصلّى عليه، وقال إسحاق: كما نُفخ فيه الروح صلي عليه، وكذلك قال أحمد، قال: إذا تمت أربعة أشهر يصلى عليه، لأنه قد نفخ فيه الروح، وقال إسحاق: مضت السنّة في أصحاب النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - في الصبيّ إذا سقط من بطن أمه ميتًا، بعد تمام خلقه، ونُفِخَ فيه الروح، وهو أن يمضي أربعة أشهر وعشرًا أنه يصلّى عليه، إنما الميراث في الاستهلال،


(١) - "المفهم" ج ٦ ص ٦٨٠.
(٢) - لعل أحمد -رَحِمَهُ اللَّهُ- له قولان، وإلا فسيأتي أنه ممن يرى الصلاة، وإن لم يستهلّ، فتأمل.