وهم الذين قتلهم المشركون خاصّة في المعركة.
قال ابن المنذر -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-: وهذا الذي قاله مالك، والشافعيّ حسن، وروينا عن أسماء بنت أبي بكر أنها غسلت عبد اللَّه بن الزبير بعد ما تقطّعت أوصاله. انتهى (١).
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: قد تقدّم في المسألة الماضية ترجيح القول بجواز الصلاة على الشهداء، وأما غسلهم، فالأرجح عندي عدم مشروعيته، لعدم ثبوت دليل يُعْتَمد عليه، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، دىاليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
١٩٥٤ - أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ, قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ, عَنْ يَزِيدَ عَنْ أَبِي الْخَيْرِ, عَنْ عُقْبَةَ, أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -, خَرَجَ يَوْمًا, فَصَلَّى عَلَى أَهْلِ أُحُدٍ, صَلَاتَهُ عَلَى الْمَيِّتِ, ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى الْمِنْبَرِ, فَقَالَ: «إِنِّي فَرَطٌ لَكُمْ, وَأَنَا شَهِيدٌ عَلَيْكُمْ».
رجال هذا الإسناد: خمسة:
١ - (قتيبة) بن سعيد الثقفي، أبو رجاء البَغْلانيّ، ثقة ثبت [١٠] ١/ ١.
٢ - (الليث) بن سعد، أبو الحارث الفَهْميّ المصريّ الإمام الثبت الحجة الفقيه [٧] ٣١/ ٣٥.
٣ - (يزيد) بن أبي حبيب سُويد، أبو رجاء المصريّ، ثقة فقيه يرسل [٥] ١٣٤/ ٢٠٧.
٤ - (أبو الخير) مَرْثَد بن عبد اللَّه اليَزَنيّ المصريّ، ثقة فقيه [٣] ٣٨/ ٥٨٢.
٥ - (عقبة) بن عامر الْجُهَنيّ، صحابيّ مشهور، ولي إِمْرَة مصر لمعاوية ثلاث سنين، وكان فقيها فاضلاً، مات قرب الستين ١٠٨/ ١٤٤. واللَّه تعالى أعلم.
لطائف هذا الإسناد:
(منها): أنه من خماسيات المصنّف -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-، وأنه مسلسل بالمصريين، سوى شيخه، فبغلانيّ، وأنه أصح أسانيد عقبة بن عامر - رضي اللَّه تعالى عنه -، وأن فيه رواية تابعيّ، عن تابعيّ، يزيد، عن أبي الخير، وأن أبا الخير مشهور بكنيته. واللَّه تعالى أعلم.
شرح الحديث
(عَنْ عُقْبَةَ) بن عامر - رضي اللَّه تعالى عنه - (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -، خَرَجَ يَوْمًا، فَصَلَّى عَلَى أَهْلِ أُحُدِ، صَلَاَتهُ عَلَى المَيِّتِ) أي مثل صلاته، زاد البخاريّ في "غزوة أُحُد"، من طريق حيوة بن شُريح، عن يزيد: "بعد ثمان سنين، كالموَدِّع للأحياء والأموات"، وزاد فيه: "فكانت آخر نظرة نظرتها إلى رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - ". وكانت أحد في شوّال سنة ثلاث،
(١) - "الأوسط" ج ٥ ص ٣٤٦ - ٣٤٨.