للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فقال: "فما حفرنا له، ولا أوثقناه"، ولكن وقع في حديث بُريدة عنده: "فحُفر له حَفيرة".

ويمكن الجمع بأن المنفيّ حفيرة لا يمكنه الوثوب منها، والمثبت عكسه، أو أنهم في أول الأمر لم يحفروا له، ثمّ لما فرّ فأدركوه حفروا له حفيرة، فانتصب لهم فيها حتى فرغوا منه.

وعند الشافعية لا يحفر للرجل، وفي وجه يتخيّر الإمام، وهو أرجح، لثبوته في قصة ماعز، فالمثبت مقدّم على النافي، وقد جُمِع بينهما بما دلّ على وجود حَفْر في الجملة، وفي المرأة أوجه، ثالثها الأصحّ إن ثبت زناها بالبينة استُحبّ، لا بالإقرار، وعن الأئمة الثلاثة في المشهور عنهم لا يحفر، وقال أبو يوسف، وأبو ثور: يحفر للرجل والمرأة.

ومنها: جواز تلقين المقرّ بما يوجب الحدّ ما يدفع به عنه الحدّ، وأن الحدّ لا يجب إلا بالإقرار الصريح، ومن ثمّ شُرط على من شهد بالزنا أن يقول: رأيته أَوْلَجَ ذكره في فرجها، أو ما أشبه ذلك، ولا يكفى أن يقول: أشهد أنه زنى. وثبت عن جماعة من الصحابة تلقين المقرّ بالحدّ، ومنهم من خصّ التلقين بمن يُظنّ به أنه يجهل حكم الزنا، وهو قول أبي ثور، وعند المالكية يُستثنى تلقين المشتهر بانتهاك الحرمات، ويجوز تلقين من عداه، وليس ذلك بشرط.

ومنها: أن فيه تركَ سَجْن من اعترف بالزنا في مدّة الاستثبات، وفي الحامل حتى تضع، وقيل: إن المدينة لم يكن بها حينئذ سِجْن، وإنما كان يُسلّم كلّ جان لوليه. وقال ابن العربي: إنما لم يأمر بسجنه، ولا التوكيل به، لأن رجوعه مقبول، فلا فائدة في ذلك، مع جواز الإعراض عنه إذا رجع.

ومنها: وجوب رجم الْمُحصَن، وقد أجمع الصحابة، وأئمة الأمصار على أن المحصن إذا زنى عامدًا عالمًا مختارًا، فعليه الرجم، ودفع ذلك الخوارج، وبعض المعتزلة، واعتلّوا بأن الرجم لم يُذكر في القرآن، وحكاه ابن العربيّ عن طائفة من أهل المغرب لقيهم، وهم من بقايا الخوارج، واحتجّ الجمهور بأن النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - رجم، وكذلك الأئمة بعده، وقال علي - رضي اللَّه عنه - بعد أن رجم امرأةً: "قد رجمتها بسنة رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - "، وثبت في "صحيح مسلم" عن عبادة - رضي اللَّه عنه - أن النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - قال: "خذوا عني، قد جعل اللَّه لهنّ سبيلاً، الثيّب بالثيّب الرجم .... ". وقد خطب عمر - رضي اللَّه عنه -، فقال: "إن اللَّه بعث محمدا - صلى اللَّه عليه وسلم - بالحقّ، وأنزل عليه القرآن، فكان مما أنزل اللَّه آية الرجم .... " أخرجه البخاريّ -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-.

ومنها: أنه يؤخذ من قوله: "هل أحصنت" وجوب الاستفسار عن الحال التي تختلف