(فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: أَتُصَلِّي عَلَيْهَا، وَقَدْ زَنَتْ) جملة في محلّ نصب على الحال، أي كيف تصلي عليها، والحال أنها زانية، وهذا ظنّ من عمر - رضي اللَّه عنه - أن فعل الفاحشة مما يمنع الصلاة على الميت (فَقَالَ:"لَقَدْ تَابَتْ تَوْبَةً) التنوين للتعظيم والتكثير، أي توبة عظيمة كثيرة (لَوْ قُسِمَتْ عَلَى سَبْعِينَ) وفي نسخة: "بين سبيعين" (مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، لَوَسِعَتْهُمْ) أي لكفتهم (وَهَلْ وَجَدْتَ) بتاء الخطاب؛ والخطاب لعمر - رضي اللَّه عنه - (تَوْبَةَ، أَفْضَلَ مِنْ أَنْ جَادَتْ بنَفْسِهَا لِلَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ-) من الْجُود، كأنها تصدّقت بالنفس للَّه، حيث أقرّت للَّه بما أدّى إلىَ الموت، يعني أنها بذلت نفسها في مرضاة اللَّه تعالى.
وفي قصّة خالد المتقدّمة: "لقد تابت توبةً، لو تابها صاحب مَكْسٍ لغُفِر له". قال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: صاحب المكس: هو الذي يأخذ من الناس ما لا يلزمهم شرعًا من الوظائف المالية بالقهر والجَبْر، ولا شكّ في أنه من أعظم الذنوب، وأكبرها، وأفحشها، فإنه غصبٌ، وظلمٌ، وعسفٌ على الناس، وإشاعة للمنكر، وعملٌ به، ودوامٌ عليه، ومع ذلك كلّه إن تاب من ذلك، ورَدَّ المظالم إلى أربابها صحّت توبته، وقُبلت، لكنّه بعيد أن يتخلّص من ذلك، لكثرة الحقوق، وانتشارها في الناس، وعدم تعيين المظلومين، انتهى (١). واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
المسألة الأولى: في درجته: حديث عمران بن حصين - رضي اللَّه تعالى عنهما - هذا أخرجه مسلم.
المسألة الثانية: في بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا -٦٤/ ١٩٥٧ - وفي "الكبرى" ٦٤/ ٢٠٨٤ و١٥/ ٧١٨٨ و ٧١٨٩ في كتاب الرجم. وأخرجه (م) ١٦٩٦ (د) ٤٤٤٠ (ت) ١٤٣٥ (أحمد) ١٩٣٦٠ و ١٩٤٠٢ و ١٩٤٢٤ (الدارمّي) ٢٣٢٥. واللَّه تعالى أعلم.
المسألة الثالثة: في فوائده:
منها: ما بوّب له المصنّف -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-، وهو مشروعيّة الصلاة على المرجوم.
ومنها: أن المرأة ترجم إذا زنت، وهي محصنة، كما يُرجم الرجل، وهذا الحديث محمول على أنها كانت محصنة، لأن الأحاديث الصحيحة، والإجماع متطابقان على أنه (٢)