للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الصلاة عليه تغليظًا، وزجرًا لغيره على مثل فعله، وأما أصل الصلاة عليه فلا بدّ من وجودها من بعض الصحابة انتهى (١).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: لكن قوله في رواية أبي داود المذكورة: "لم يُدفن في مقابر المسلمين" تدلّ على عدم الصلاة عليه أصلاً، اللَّهمّ إلا إذا قلنا: إن عدم دفنه في مقابر المسلمين للزجر لا ينافي أن يُصلّيَ عليه بعض الناس، واللَّه تعالى أعلم.

(ثُمَّ دَعَا مَمْلُوكِيهِ، فَجَزَّأَهُمْ) بتشديد الزاي، وتخفيفها لغتان مشهورتان، ذكرهما ابن السّكّيت، وغيره، ومعناه قسمهم. قاله النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- (ثَلَاَثَةَ أَجْزَاءٍ) منصوب على أنه مفعول مطلق لـ"جزأ"، مبيّن لعدده.

قال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: ظاهره أنه اعتبر عدد أشخاصهم، دون قيمتهم، وإنما فعل ذلك لتساويهم في القيمة والعدد، فلو اختلفت قيمتهم لم يكن بدّ من تعديلهم بالقيمة، مخافة أن يكون ثلثهم في العدد أكثر من ثلث الميت في القيمة، ولو اختلفوا في القيمة، أو في العدد لجزّئوا بالقيمة، ولعتق منهم ما يُخرجه السهم، وإن كان أقلّ من ثلث العدد، وكيفيّة العمل في ذلك مفصّلة في كتب أئمتنا انتهى (٢).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: هذا الذي قاله القرطبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- من أن قيمتهم كانت متساوية محلّ نظر، إذ ليس في الحديث ما يدلّ عليه، فتأمل. واللَّه تعالى أعلم.

(ثُمَّ أَقْرَعَ بَيْنَهُمْ) يقال: أقرعتُ بينهم، إقراعًا: هَيَّأْتهم للقُرْعَة على شيء. قاله في "المصباح".

(فَأَعْتَقَ اثْنَيْنِ) أي أقرّ عتق اثنين من الستة، وهما اللذان خرجت قُرْعتاهما.

وذكر الحافظ أبو عمر ابن عبد البرّ -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- عن الشافعيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-، أن القُرْعة أن تُكتب رِقاعٌ، ثم تكتب أسماء العبيد، ثم يُبندَقَ بَنَادقُ من طين، ثم يُجعل في كلّ بُندُقة رقعة، وبجزأ الرقيق (٣) أثلاثًا، ثم يؤمر رجل منهم، لم يحضر الرقاع، فيخرج رقعة على كلّ جزء.

وإن لم يستووا في القيمة عدّلوا، وضُمَّ قليل الثمن إلى كثير الثمن، وجعلوه ثلاثة أجزاء، قلّوا أو كثروا، إلا أن يكونوا عبدين، فإن وقع العتق على جزء فيه عدّة رقيق، أقلّ من الثلث، أعيدت الرقعة بين السهمين الباقيين، فأيهم وقع عليه أعتق منه باقي


(١) - "شرح مسلم" ج ١١ ص ١٤٠ "كتاب العتق" -"باب جواز بيع المدبّر".
(٢) - "المفهم" ج ٤ ص ٣٥٦ "كتاب العتق".
(٣) - والذي في نسخة "الاستذكار"، "وجري الرقيق"، لكن الظاهر أن صوابه "ويُجزّأ الرقيق الخ". واللَّه أعلم.