للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الكتاب. (ومنها): أن رجاله كلهم رجال الصحيح. (ومنها): أنه مسلسل بالبصريين، غير يزيد، وسلمة فمدنيان. (ومنها): أن شيخيه هما من مشايخ الأئمة الستة الذين رووا عنهما بلا واسطة، وقد تقدّموا غير مرّة. واللَّه تعالى أعلم.

شرح الحديث

عن يزيد بن أبي عُبيد، أنه قال (حَدَّثَنَا سَلَمَةُ -يَعْنِي ابْنَ الأكْوَعِ) - رضي اللَّه عنه - (قَالَ: أُتِيَ النَّبِيُّ - صلى اللَّه عليه وسلم - بِجَنَازَةٍ) قال الحافظ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: لم أقف على اسم صاحب هذه الجنازة، ولا على الذي بعده، وللحاكم من حديث جابر - رضي اللَّه عنه -: "مات رجل، فغسلناه، وكفّنّاه، ووضعناه حيث توضع الجنائز عند مقام جبريل، ثم آذنّا رسولَ اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - به".

(فَقَالُوا: يَا نَبِيَّ اللَّهِ صَلِّ عَلَيْهَا، قَالَ: "هَلْ تَرَكَ عَلَيْهِ دَيْنًا؟ "، قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: "هَلْ تَرَكَ مِنْ شَيْءٍ؟ "، قَالُوا: لَا) رواية المصنّف -رَحِمَهُ اللَّهُ- هذه مختصرة، فإن هذه الجنازة هي الجنازة الثالثة في حديث سلمة - رضي اللَّه عنه -، وقد ساقه البخاريْ -رَحِمَهُ اللَّهُ- بتمامه، فقال:

حدثنا المكي بن إبراهيم، حدثثا يزيد بن أبي عبيد، عن سلمة بن الأكوع، - رضي اللَّه عنه -، قال: كنا جلوسا عند النبي - صلى اللَّه عليه وسلم -، إذ أُتي بجنازة، فقالوا: صل عليها، فقال: "هل عليه دين؟ "، قالوا: لا، قال: "فهل ترك شيئا؟ "، قالوا: لا، فصلى عليه، ثم أُتي بجنازة أخرى، فقالوا: يا رسول اللَّه، صل عليها، قال: "هل عليه دين؟ "، قيل: نعم، قال: "فهل ترك شيئا؟ "، قالوا: ثلاثة دنانير، فصلى عليها، ثم أتي بالثالثة، فقالوا: صل عليها، قال: "هل ترك شيئا؟ "، قالوا: لا، قال: "فهل عليه دين؟ "، قالوا: ثلاثة دنانير، قال: "صلّوا على صاحبكم"، قال أبو قتادة: صل عليه، يا رسول اللَّه، وعليّ دينه، فصلى عليه.

قال في "الفتح": ذكر في هذا الحديث أحوالَ ثلاثة، وترك حال رابع: الأول لم يترك مالاً، وليس عليه دين، والثاني: عليه دين، وله وفاء، والثالث: عليه دين، ولا وفاء له، والرابع: من لا دين عليه، وله مال، وهذا حكمه أن يُصلَّى عليه، وكأنه لم يُذكَر لا لكونه لم يقع، بل لكونه كان كثيرًا انتهى (١).

(قَالَ: "صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ") قال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: امتناعه من الصلاة على من مات، وعلي دين، ولم يتركَ وفاءً، إشعار بصعوبة أمر الدين، وأنه لا ينبغي أن يتحمّله الإنسان، إلا من ضرورة، وأنه إذا أخذه فلا ينبغي أن يَتراخَى في أدائه إذا تمكّن منه، وذلك لأن الدين شَين، وأنه هَمٌّ بالليل، ومَذلّة بالنهار، وإخافة للنفوس، بل وإرقاق


(١) - "فتح" ج ٥ ص ٢٣٢ - ٢٣٣. "كتاب الحوالة". رقم ٢٢٨٩.