للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بالدعاء في صلاة الجنازة، قال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: وقد اتفق أصحابنا على أنه إن صلّى عليها بالنهار أسرّ بالقراءة، وإن صلى بالليل ففيه وجهان، الصحيح الذي عليه الجمهور: يسرّه، والثاني: يجهر، وأما الدعاء، فيسرّ به بلا خلاف، وحينئذ يتأول هذا الحديث على أن قوله: "حفظت من دعائه"، أي علّمنيه بعد الصلاة، فحفظته انتهى. (١)

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: هذا التأويل فيه نظر؛ إذ لا يؤيّده ظاهر الحديث.

قال العلامة الشوكاني -رَحِمَهُ اللَّهُ-، بعد أن ذكر اختلاف ألفاظ هذا الحديث: ما نصّه: جميع ذلك يدلّ على أن النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - جهر بالدعاء، وهو خلاف ما صرّح به جماعة من استحباب الإسرار بالدعاء، وقد قيل: إن جهره - صلى اللَّه عليه وسلم - بالدعاء لقصد تعليمهم. وأخرج أحمد عن جابر - رضي اللَّه عنه - قال: ما أباح لنا في دعاء الجنازة رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، ولا أبو بكر، ولا عمر" (٢). وفسّر "ما أباح" بمعنى قَدّر. قال الحافظ: والذي وقفت عليه باح بمعنى جهر. والظاهر أن الجهر والإسرار بالدعاء جائزان انتهى (٣).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: ما قاله الشوكانيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- حسنٌ جدًّا. واللَّه تعالى أعلم. ومنها: مشروعيّة الطهارة بماء الثلج، والبرد، وقد تقدّم البحث عنه مستوفًى في "أبواب الطهارة"، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.

١٩٨٤ - أَخْبَرَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ, قَالَ: حَدَّثَنَا مَعْنٌ, قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ, عَنْ حَبِيبِ بْنِ عُبَيْدٍ الْكَلَاعِيِّ (٤) , عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ الْحَضْرَمِيِّ, قَالَ: سَمِعْتُ عَوْفَ بْنَ مَالِكٍ, يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -, يُصَلِّي عَلَى مَيِّتٍ, فَسَمِعْتُ فِي دُعَائِهِ, وَهُوَ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ, وَارْحَمْهُ, وَعَافِهِ, وَاعْفُ عَنْهُ, وَأَكْرِمْ نُزُلَهُ, وَوَسِّعْ مُدْخَلَهُ, وَاغْسِلْهُ بِالْمَاءِ, وَالثَّلْجِ, وَالْبَرَدِ, وَنَقِّهِ مِنَ الْخَطَايَا, كَمَا نَقَّيْتَ الثَّوْبَ الأَبْيَضَ مِنَ الدَّنَسِ, وَأَبْدِلْهُ (٥) دَارًا خَيْرًا مِنْ دَارِهِ, وَأَهْلاً خَيْرًا مِنْ أَهْلِهِ, وَزَوْجًا خَيْرًا مِنْ زَوْجِهِ, وَأَدْخِلْهُ الْجَنَّةَ, وَنَجِّهِ مِنَ النَّارِ", أَوْ قَالَ: "وَأَعِذْهُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ".

رجال هذا الإسناد: ستة:

١ - (هارون بن عبد اللَّه) أبو موسى الحمّال البغداديّ، ثقة [١٠] ٥٠/ ٦٢.


(١) - "شرح مسلم" ج ٧ ص ٣٤.
(٢) - وأخرجه ابن ماجه أيضًا، وفي إسنادهما حجاج بن أرطاة، كثير الخطإ، والتدليس.
(٣) - "نيل الأوطار" ج ٤ ص ٧٩.
(٤) - الكَلَاعِيُّ بفتح الكاف، وتخفيف اللام: نسبة إلى ذي الكلاع قبيلة من حِمْيرَ. قاله في "لب اللباب" جـ ٢ ص ٢١٨.
(٥) وفي نسخة: "أبدله" بلا واو.