غير صحيحة؛ لما تقدّم من أن التسطيح هو قول مالك، وأكثر العلماء، فأين الاتفاق المزعوم؟ واستدلاله بما أخرجه سعيد بن منصور، والبيهقي، من رواية جعفر بن محمد، عن أبيه، "أن رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - رشّ على قبر ابنه إبراهيم، ووضع عليه حصباء، ورفعه شبرًا"، غير صحيح، لأنه مرسل، فلا يصلح لردّ ما صحّ عنه - صلى اللَّه عليه وسلم - من حديث عليّ - رضي اللَّه عنه - هذا، وحديث فضالة - رضي اللَّه عنه - المتقدم.
وأما قوله: ليعلم أنه قبر الخ، فليس ذلك مما يبيح المحظور، من رفعه من الأرض، لأن كونه قبرًا يعلم من طريق آخر مأذون فيه شرعًا، وهو وضع الحجر عليه حتى يُعلم أنه قبر، كما وضع النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - على قبر عثمان بن مظعون - رضي اللَّه عنه -، فتنبّه. واللَّه تعالى أعلم.
(وَلَا صُورَةً) أي صورة ذي روح (فِي بَيْتٍ) الظاهر أن ذكر البيت ليس قيدًا، فما كان خارج البيت مثله (إِلاَّ طَمَسْتَهَا") أي محوتها، أو غَيَّرْتَها من هيئتها، بقطع رأسها، أو نحو ذلك.
ولفظ مسلم: "ألا تدع تمثالا إلا طمسته".
قال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-: والتِّمْثَال: مثال صورة ما فيه روح، وهو يعمّ ما كان متجسّدًا، وما كان مصوّرًا في رقم، أو نقش، لا سيّما وقد روي "صورة" مكان "تمثال". وقيل: إن المراد به هنا ما كان له شخص وجسد، دون ما كان في ثوب، أو حائط منقوشًا. قال: وطمسها: تغييرها، وذلك يكون بقطع رؤوسها، وتغيير وجوهها، وغير ذلك، مما يذهبها. انتهى كلام القرطبي -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- (١).
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: الحقّ تعميم طمس جميع أنواع الصور، فلا يستثنى منها شيء؛ لعموم النصوص الواردة في النهي عن اتخاذها، والأمر بتغييرها، وأن إبقاءها منكر، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
المسألة الأولى: في درجته: حديث عليّ - رضي اللَّه عنه - هذا أخرجه مسلم.
المسألة الثانية: في بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا - ٩٩/ ٢٠٣١ - وفي "الكبرى" ٩٩/ ٢١٥٧. وأخرجه (م) ٢٢٤٠ و ٢٢٤١ (د) ٣٢١٨ (ت) ١٠٤٩ (أحمد) ٦٥٩ و ٦٨٥ و ٧٤٣ و ٨٨٣ و ٨٩١ و ١٠٦٧ و ١١٧٩ و ١٢٤٣ و ١٢٨٦. واللَّه تعالى أعلم.