يعني أن الانتباذ في جميع الظروف جائز، وانما المنهيّ عنه هو شرب المسكر. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلق بهذا الحديث:
المسألة الأولى: في درجته:
حديث بريدة - رضي اللَّه عنه - هذا أخرجه مسلم.
المسألة الثانية: في بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا - ١٠٠/ ٢٠٣٢ و ٢٠٣٣ و ٤٤٢٩/ ٣٦ و٤٤٣٠ و٤٠/ ٥٦٥١ و ٥٦٥٢ و ٥٦٥٣ و ٥٦٥٤ و ٥٦٥٥ و ٤٨/ ٥٦٧٨ - وفي "الكبرى" ١٠٠ و ٢١٥٩ و ٢١٦٠ و ٣٧/ ٤٥١٨ و ٤٥١٩. وأخرجه (م) ٢٢٥٧ و ٢٢٥٨ و ٥٠٨٦ و ٥٠٨٧ و ٥١٧٥ و ٥١٧٦ و ٥١٧٧ (د) ٣٦٩٨ (ت) ١٠٥٤ و ١٥١٠ و ١٨٦٩ (ق) ٣٤٠٥. واللَّه تعالى أعلم.
المسألة الثالثة: في فوائده:
منها: ما بوّب له المصنّف -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-، وهو إباحة زيارة القبور، ونسخه بعد أن كان منهيّا عنه، بشرط أن لا يقولوا منكرا من القول، وأن لا يفعلوا فعلاً منكرا أيضًا. ومنها: نسخ النهي عن ادخار لحوم الأضاحي فوق ثلاثة أيام، وسيأتي تمام الكلام عليه في موضعه، إن شاء اللَّه تعالى. ومنها: نسخ النهي عن الانتباذ، إلا في الأسقية، وإباحته في كلّ وعاء، بشرط الاتقاء عن شرب المسكر، وسيأتي تمام الكلام فيه أيضًا في موضعه، إن شاء اللَّه تعالى. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
المسألة الرابعة: في أقوال أهل العلم في حكم زيارة القبور:
قال الإمام الترمذيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- في "جامعه" بعد أن أخرج حديث الباب: ما نصّه: والعمل على هذا عند أهل العلم، لا يرون بزيارة القبور بأسًا، وهو قول ابن المبارك، والشافعيّ، وأحمد، وإسحاق.
وقال أيضًا بعد أن أخرج حديث أبي هريرة - رضي اللَّه عنه -: "أن رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - لعنَ زَوّارات القبور". ما نصه: وقد رأى بعض أهل العلم أن هذا كان قبل أن يرخّص النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - في زيارة القبور، فلما رخّص دخل في رخصته الرجال والنساء. وقال بعضهم: إنما كره زيارة القبور للنساء، لقلة صبرهنّ، وكثرة جزعهنّ انتهى كلام الترمذيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- تعالى (١).
وقال العلامة القرطبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-: قوله: "فزروها" نصّ في النسخ للمنع