للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

والثاني مجرّد حبس للأرواح، وتسجين. وأجاب السبكيّ باختيار الثاني، ومنع كونه حبسًا، وتسجينًا؛ لجواز أن يقدّر اللَّه تعالى في تلك الأجواف، من السرور، والنعيم ما لا يجده في الفضاء الواسع (١).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: ما قاله السبكي -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- حسن جدًّا. واللَّه تعالى أعلم.

(فِي شَجَرِ الْجَنَّةِ) هكذا نسخ "المجتبى"، ووقع في "الكبرى"، وشرح السنديّ: "تعلق في شجر الجنة". قال السنديّ: هكذا في بعض النسخ بثبوت قوله: "تعلق"، وسقط في بعضها، وهو بضمّ اللام، وقيل: أو بفتحها (٢)، ومعناه تأكل، وترعى انتهى (٣)

وقال الحافظ أبو عمر -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-: وقوله: "تعلق في شجر الجنّة"، يروى بفتح اللام، وهو الأكثر، ويروى بضم اللام، والمعنى واحد، وهو الأكل، والرَّعْيُ، يقول: تأكل من ثمار الجنّة، وتسرح بين أشجارها، والعلوقة، والعلوق: الأكل، والرعي، تقول العرب: ما ذاق اليوم عُلوقًا، أي طعامًا، قال الربيع بن زياد، يصف الخيل: [من الكامل]:

وَمُجَنَّبَاتٍ لَا يَذُقْنَ عُلُوقَةَ … يَمْصَعْنَ بِالْمُهْرَاتِ والأَمْهَارِ

يعني ما يرعين، ولا يذقن شيئا. وقال الأعشى [من الخفيف]:

وَفَلَاةٍ كَأَنَها ظَهْرُ تُرْسِ … لَيْسَ فِيهَا إِلَّا الرَّجِيعَ عَلَاقُ (٤)

(حَتَّى يَبْعَثَهُ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ-، إِلَى جَسَدِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ") وفي "الكبرى" حتى يرجعه اللَّه إلى جسده يوم يبعثه". وذكر الضمير مع أنه يعود إلى "نسمة"، باعتبار معنى "طائر". واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلق بهذا الحديث:

المسألة الأولى: في درجته: حديث كعب بن مالك - رضي اللَّه عنه - هذاصحيح.

المسألة الثانية: في بيان مواضع ذكر المصنف له، وفيمن أخرجه معه:

أخرجه هنا -١١٧/ ٢٥٧٣ - وفي "الكبرى، ١١٧/ ٢٢٠٠. وأخرجه (ت) ١٦٤١ (ق) ١٤٤٩ و ٤٢٧١ (أحمد) ١٥٣٤٩ و١٥٣٦٠ و ١٥٣٦٥ و ٢٦٦٢٥ (الموطأ) ٥٦٦. واللَّه تعالى أعلم.


(١) - "شرح السنديّ" ج ٣ ص ١٠٨.
(٢) - في "ق" أنه من بابي نصر، وسمع.
(٣) - المصدر السابق.
(٤) - والعَلاق بـ "الفتح" الأكل، والرجيع الْجِرَّةُ، يقول: لا تجد الإبل فيها علاقًا، إلا ما تردّه من جِرَّتها. اهـ "لسان".