للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: هذا الذي قاله ابن القيّم -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- تحقيقٌ نفيسٌ جدًّا، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

المسألة الرابعة: في اختلاف أهل العلم في مستقرّ الأرواح:

اعلم: أنه قد فصّل هذه المسألة الإمامُ ابن قيم الجوزية -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- في كتابه النافعِ: "الروح"، وسرد الأقوال، وذكر أدلة كل قول، وناقشها، وبيّن ما لها، وما عليها، أحببت ذكر المهمّ منه، تكميلاً للفائدة، فدونك خلاصته:

قال -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-: هذه مسألة عظيمة، تكلّم الناس فيها، واختلفوا فيها، وهي إنما تُتَلقّى من السمع فقط، واختلف في ذلك: فقال قائلون: أرواح المؤمنين عند اللَّه في الجنّة شهداء كانوا، أم غير شهداء، إذا لم يحبسهم عن الجنة كبيرة، ولا دَين، وتلقّاهم ربهم بالعفو عنهم، والرحمة لهم، وهذا مذهب أبي هريرة، وعبد اللَّه بن عمر - رضي اللَّه عنهم -.

وقالت طائفة: هم بفناء الجنة على بابها، يأتيهم، من رَوحها، ونعيمها، ورزقها.

وقالت طائفة: الأرواح على أفنية قبورها. وقال مالك: بلغني أن الروح مرسلة، حيث شاءت. وقال الإمام أحمد في رواية ابنه عبد اللَّه: أرواح الكفّار في النار، وأرواح المؤمنين في الجنة. وقال أبو عبد اللَّه ابن منده: وقالت طائفة، من الصحابة، والتابعين: أرواح المؤمنين عند اللَّه -عَزَّ وَجَلَّ-، ولم يزيدوا على ذلك، قال: روي عن جماعة من الصحابة والتابعين أن أرواح المؤمنين بالجابية، وأرواح الكفّار ببرهوت، بئر بحضرموت. وقال صفوان بن عمرو: سألت عامر بن عبد اللَّه، أبا اليمان: هل لأنفس المؤمنين مجتمع؟ فقال: إن الأرض التي يقول اللَّه تعالى: {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ} [الأنبياء: ١٠٥] قال: هي الأرض التي يجتمع إليها أرواح المؤمنين حتى يكون البعث. وقالوا: هي الأرض التي يورثها اللَّه المؤمنين في الدنيا. وقال كعب: أرواح المؤمنين في عليّين، في السماء السابعة، وأرواح الكفار في سجّين في الأرض السابعة تحت جند إبليس. وقالت طائفة: أروح المؤمنين ببئر زمزم، وأرواح الكفّار ببئر برهوت. وقال سلمان الفارسي: أرواح المؤمنين في برزخ من الأرض، تذهب حيث شاءت، وأرواح الكفّار في سجّين، وفي لفظ عنه: نسمة المؤمن تذهب في الأرض حيث شاءت. وقالت طائفة: أرواح المؤمنين عن يمين آدم، وأرواح الكفار عن شماله. وقالت طائفة أخرى، منهم ابن حزم: مستقرّها حيث كانت قبل خلق أجسادها، قال: والذي نقول به في مستقرّ الأرواح هو ما قاله اللَّه -عَزَّ وَجَلَّ-، ونبيّه - صلى اللَّه عليه وسلم - لا نتعدّاه، فهو البرهان الواضح، وهو أن اللَّه -عَزَّ وَجَلَّ-