المسألة الثانية: في بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا -١١٧/ ٢٠٧٩ - وفي "الكبرى" - ١١٧/ ٢٢٠٦. وأخرجه (خ) ٣٤٨١ و ٧٥٠٦ (م) ٢٧٥٦ (ق) ٤٢٥٥ (أحمد) ٧٥٩١ و ٧٩٨٠ (الموطأ) ٥٦٨. واللَّه تعالى أعلم.
المسألة الثالثة: في فوائده:
منها: إثبات البعث بعد الموت، وإن تفرقت الأجزاء، وتلاشت. ومنها: عظمة قدرة اللَّه تعالى. ومنها: فضيلة الخوف من اللَّه تعالى، وغلبتها على العبد، وأنها من مقامات الإيمان، وأركان الإسلام، وبها انتفع هذا المسرف، وحصلت له المغفرة. ومنها: أنه لا ضرر على العبد في غلبة الخوف، وإن كانت بقرب الوفاة، وإن كان المطلوب من العبد في تلك الحالة أن يُحسن ظنه بربّه، لما أخرجه مسلم في "صحيحه" عن جابر بن عبد اللَّه الأنصاري - رضي اللَّه عنهما -، قال: سمعت رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، قبل موته بثلاثة أيام، يقول:"لا يموتنّ أحدكم، إلا وهو يحسن الظن باللَّه -عَزَّ وَجَلَّ- ". ومنها: أنه يدلّ على أن خوف العبد من ذنبه، ليس كراهية للقاء اللَّه تعالى؛ لأن الخائف من ذنبه يطلب أن يكون مصيره إلى الدار الآخرة على وجه مرضيّ، يقربه إلى اللَّه، فكره حالة نفسه التي هو عليها، ولم يكره لقاء اللَّه تعالى مطلقا، بل أحبّ لقاءه على غير تلك الحالة. قاله وليّ الدين -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-. ومنها: أن الأعمال بالنيّات، والمقاصد، فإن اللَّه تعالى لم ينظر إلى هذا العمل، بل إلى القصد، فقال له:"لم فعلت هذا؟، ولما كان الحامل عليه الخشية، كان سبب المغفرة، ولو حمل عليه سبب آخر فاسد، لكان الأمر بخلاف ذلك، فيما يظهر، واللَّه تعالى أعلم. ومنها: أن فيه بيانَ سعة رحمة اللَّه تعالى، ومغفرته، وأن المسرف على نفسه لا ييأس من ذلك، وقد قال اللَّه تعالى:{قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}[الزمر: ٥٣]. وقد قيل: إن هذه الآية أرجى آية في كتاب اللَّه تعالى. القَهم اغفر لنا ذنوبنا، وكفّر عنّا سيّآتنا، وأدخلنا الجنّة برحمتك يا أرحم الراحمين. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
المسألة الرابعة: أنه استشكل قوله: "لئن قدر اللَّه عليّ، ليعذّبنّي" لأن ظاهره نفي قدرة اللَّه تعالى على إحيائه، وإعادته، والشاكّ في قدرة اللَّه تعالى كافر، مع أن الحديث يدلّ على إسلامه من وجهين:
أحدهما: إخباره بأنه إنما فعل هذا من خشية اللَّه تعالى، والكافر لا يخشى اللَّه تعالى. الثاني: إخباره - صلى اللَّه عليه وسلم - بأن اللَّه تعالى غفر له، والكافر لا يغفر له، مع ما انضمّ إلى ذلك