للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

- رضي اللَّه عنه - أحد العشرة المبشرين بالجنة - رضي اللَّه عنهم - واللَّه تعالى أعلم.

شرح الحديث

(عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ) - رضي اللَّه عنه - (أنَّ أَعْرَابيًا) أي رجلا ساكن البادية، وفي الرواية المتقدمة ٤/ ٤٥٨ - "جاء رجل إلى رسول اللَّهَ - صلى اللَّه عليه وسلم - من أهل نجد". قيل: هو ضمام بن ثعلبة، وقيل: غيره (جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -، ثَائِرَ الرَّأْسِ) بالنصب على الحال، ويحتمل الرفع على أنه خبر لمحذوف، أي هو ثائر الرأس. والمراد أن شعره متفرّق من ترك الرَّفَاهية، ففيه إشارة إلى قرب عهده بالوفادة، وأوقع اسم الرأس على الشعر إما مبالغةً، أو لأن الشعر منه ينبت (فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَخْبِرْنِي مَاذَا فَرَضَ اللَّهُ عَلَيَّ مِنَ الصَّلَاةِ؟ قَالَ: "الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ") يحتمل أن يكون بالنصب على تقدير فعل دلّ عليه السؤال، أي فرض عليك الصلواتِ الخمسَ، ويحتمل أن يكون بالرفع على أنه خبر لمحذوف، أي المفروض عليك الصلواتُ الخمسُ، أو مبتدأ حُذف خبره، أي الصلوات الخمس مفروضة عليك. (إِلاَّ أَنْ تَطَوَّعَ شَيئًا) "تطوع" بتشديد الطاء، والواو، وأصله تتطوّع بتاءين، فأدغمت إحداهما في الأخرى، ويجوز تخفيف الطاء على حذف إحداهما (قَالَ: أَخْبرْنِي بِمَا (١) افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَيَّ مِنَ الصِّيَام؟ قَالَ: صِيَامُ شَهْرِ رَمَضَانَ) إعرابه كسابقه (إلَّا أنْ تَطَوَّعَ شَيئًا قَالَ: أَخْبِرْنِي بِمَا افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَيَّ مِنَ الزَّكَاةِ، فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم - بِشَرَائِعِ الإِسْلَامِ) وفي الرواية المتقدّمة: "وذكر رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - الزكاة". فتضمنت هذه الرواية أن في القصّة أشياء أُجملت، منها بيان نُصُب الزكاة؛ فإنها لم تفسّر في الرواية، وكذا أسماء الصلوات، وكأن السبب فيه شهرة ذلك عندهم، أو القصد من القصّة بيان أن المتمسّك بالفرائض ناج، وإن لم يفعلِ النوافل. أفاده في "الفتح" (فَقَالَ: وَالَّذِي أَكْرَمَكَ) فيه جواز الحلف في الأمر المهمّ (لَا أَتَطَوَّعُ شَيئًا، ولَا أَنْقُصُ مِمَّا فَرَضَ اللَّهُ عَلَيَّ شَيئًا، فَقَالَ: رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -: "أَفْلَحَ إِنْ صَدَقَ"، أوْ) للشكّ من الراوي (دَخَلَ الْجَنَّةَ إِنْ صَدَقَ") وفي رواية لمسلم: "أفلح، وأبيه إن صدق"، أو "دخل الجنّة، وأبيه، إن صدق". والجمع بينه، وبين النهي عن الحلف بالآباء أنه كان قبل النهي. وقيل: إنها كلمة جارية على اللسان، لا يُقصد بها الحلف. وقيل: غير ذلك، مما تقدّم الكلام عليه مستوفى في كتاب الصلاة.

واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: هذا الحديث متفق عليه، وقد تقدّم للمصنّف -رحمه اللَّه تعالى- في "كتاب الصلاة" - ٤/ ٤٥٨ - "باب كم فرضت في اليوم والليلة"، وتقدّم شرحه هناك مستوفًى، وكذا الكلام على مسائله، فراجعه تستفد. واللَّه تعالى أعلم


(١) الباء للتعدية، فإن "أخبر" يتعدى إلى مفعولين تارة بنفسه، كقوله: "أَخْبِرْني ماذا فرض اللَّه علي؟ "، وتارة بالباء إلى المفعول الثاني، كقوله: "أخبرني بما افترض اللَّه علي".