الحديث المذكور في الباب عند المصنّف، والترمذي، وابن ماجه، وقد مر آنفًا أنه روى ثلاثة أحاديث، وأنه ممن انفرد بالرواية عنه هلالٌ على ما قاله بعضهم.
ومنها: أن فيه الإخبار والتحديث والعنعنة، من صيغ الأداء.
شرح الحديث
(عن سلمة بن قيس) الأشجعي الغطفاني رضي الله عنه (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: إذا توضأت) أي شرعت في الوضوء.
(فاستنثر) أي أخرج الماء الذي أدخلته في الاستنشاق ليخرج ما في الأنف من الأوساخ، وفي "ق" استنثر: استنشق الماء ثم استخرج بنَفَس الأنف كانتثر. اهـ.
وفي المصباح: نثر المتوضئ، واستنثر بمعنى استنشق، ومنهم من يفرق، فيجعل الاستنشاق إيصال الماء، والاستنثار إخراج ما في الأنف من مخاط وغيره، ويدل عيه لفظ الحديث "كان - صلى الله عليه وسلم - يستنشق ثلاثًا، وفي كل مرة يستنثر" وفي حديث "إذا استنشقت فانثر" بهمزة وصل وتكسر
الثاء، وتضم، وأنثر المتوضئ إنثارا لغة، وحمل أبو عبيد الحديث على هذه اللغة. اهـ.
وقال الحافظ في الفتح: الاستنثار هو طرح الماء الذي يستنشقه المتوضئ أي يجذبه بريح أنفه لتنظيف ما في داخله، فيخرجه بريح أنفه، سواء كان بإعانة يد أم لا.
وحكى مالك كراهية فعله بغير إعانة اليد، لكونه يشبه فعل الدابة، والمشهور عدم الكراهة، وإذا استنثر بيده فالمستحب أن يكون باليسرى كما بوب عليه المصنف في الباب ٧٤، وأخرجه مقيدا بها من حديث علي رضي الله عنه.