للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

على المتسحّرين". ولسعيد بن منصور من طريق أخرى مرسلة: "تسحّروا، ولو بِلُقْمة.

قاله في "الفتح" (١). واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الثالثة): أنه نقل الإمام ابن المنذر -رحمه اللَّه تعالى- الإجماع على ندبية السحور (٢). وقال النووي -رحمه اللَّه تعالى-: وأجمع العلماء على استحبابه، وأنه ليس بواجب انتهى (٣).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: فعلى هذا يكون الأمر بالسحور في حديث الباب للاستحباب، لا للوجوب، وقد ترجم الإمام البخاريّ -رحمه اللَّه تعالى- في "صحيحه"، فقال: "باب بركة السحور، من غير إيجاب"؛ لأنّ النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، وأصحابه واصلوا، ولم يُذكَر السحور انتهى.

وأشار البخاريّ -رحمه اللَّه تعالى- بهذا إلى حديث أبي هريرة - رضي اللَّه عنه - أن النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - نهى عن الوصال، فلما أبوا واصل بهم يومًا، ثم يومًا، ثم رأوا الهلال، فقال: لو تأخر لزدتكم" الحديث. متّفق عليه.

وهو استدلال حسنٌ جِدًّا، فإنه يدلّ على أن السحور ليس بحتم، إذ لو كان حتمًا لما واصل بهم النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، فإن الوصال يستلزم ترك السحور. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.

وقوله: (وَقَفَهُ عُبَيدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدِ) يعني أن عبيد اللَّه بن سعيد السرخسيّ خالف محمد ابن بن بشّار في رواية هذا الحديث عن عبد الرحمن بن مهديّ، فرواه موقوفًا على ابن مسعود - رضي اللَّه عنه -، كما بيّنه بقوله:

٢١٤٥ - (أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ, عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ, عَنْ عَاصِمٍ, عَنْ زِرٍّ, عَنْ عَبْدِ اللَّهِ, قَالَ: تَسَحَّرُوا. قَالَ: عُبَيْدُ اللَّهِ: لَا أَدْرِي, كَيْفَ لَفْظُهُ).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: هذا الحديث ساقه المصنّف لبيان الاختلاف بين شيخيه: محمد بن بشّار، وعُبيد اللَّه بن سعيد في الرفع والوقف، وظاهر تأخيره روايةَ عُبيد اللَّه يدلّ على ترجيحه الوقف؛ لأن عادته غالباً أنه يقدّم الأخبار المعلّلة، ثم يأتي بالأحاديث التي يرى صحّتها، كما أفاده الحافظ ابن رجب -رحمه اللَّه تعالى- في "شرح


(١) -"فتح"ج ٤ ص ٦٤٠.
(٢) - انظر "الفتح" ج ٤ ص ٦٣٩.
(٣) - انظر "شرح مسلم" ج ٧ ص ٢٠٧.