تبلغه السنّة في ذلك (قَالَتْ) عائشة - رضي اللَّه عنها - ("أَيُّهُمَا الَّذِي يُعَجُلُ الإِفْطَارَ، وَيُؤَخِّرُ السُّحُور؟ "، قُلْتُ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودِ) - رضي اللَّه عنه -، أي والآخر أبو موسى الأشعريّ - رضي اللَّه عنه -، كما يأتي في رواية عمارة، عن أبي عطيّة (قَالَتْ:"هَكَذَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم - يَصْنَعُ") أي إن فعل ابن مسعود - رضي اللَّه عنه -هو الموافق لسنة رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، والآخر مجتهد مأجور حيث لم يخالف السنّة قصدًا، كما يأتي من طريق زائدة قوله:"كلاهما لا يألو عن الخير". واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): في درجته:
حديث عائشة - رضي اللَّه عنها - هذا أخرجه مسلم.
(المسألة الثانية): في بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا-٢٣/ ٢١٥٨ و ٢١٥٩ و ٢١٦٠ و ٢١٦١ - وفي "الكبرى" ٢٤/ ٢٤٦٨ و ٢٤٦٩ و ٢٤٧٠ و ٢٤٧١. وأخرجه (م)"الصوم" ٢٥٥١ و ٢٥٥٢ (د) في "الصوم "٢٣٥٤ (ت) في "الصوم" ٧٠٢ (أحمد) في "باقي مسند الأنصار" ٢٣٠٨١ و٢٤٢٣٠ واللَّه تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
(منها): ما ترجم له المصنّف -رحمه اللَّه تعالى-، وهو بيان الاختلاف على سليمان الأعمش في حديث عائشة - رضي اللَّه عنها -، وقد بيّنّا وجهه (ومنها): استحباب تعجيل الإفطار، وتأخير السحور. قال الحافظ ابن عبد البّر -رحمه اللَّه تعالى-: أحاديث تعجيل الفطر، وتأخير السحور صحاح متواترة. وعند عبد الرزّاق وغيره بإسناد صحيح، عن عمرو بن ميمون الأوديّ، قال:"كان أصحاب محمد - صلى اللَّه عليه وسلم - أسرع الناس إفطارًا، وأبطأهم سحورًا" انتهى (١).
(ومنها): أن أكابر الصحابة، ومن بعدهم قد تخفى عليهم السنّة، فيجتهدون، فيعملون بخلافها، وأنهم معذورون ومأجورون بذلك، وأما من قلّدهم، فلا عذر له إذا تبيّن له النصّ (ومنها): أن اختلاف أهل العلم كثيرًا ما يكون مبناه على اطلاع بعضهم على النصوص، وعدم اطلاع الآخرين عليها (ومنها): أن فيه بيانَ كثرة علم عائشة - رضي اللَّه عنها - بالسنّة. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.