أن تمنّي الخير في الدنيا والآخرة مطلوب (ومنها): بيان منقبة عظيمة لأبي بكر الصدّيق - رضي اللَّه عنه -، حيث حتمعت له أنواع الخيرات، حتى استحقّ أن يُدعَى من أبواب الجنّة كلها (ومنها): أنه وقع في "الجهاد" ٤٥/ ٣١٨٤ من طريق أبي سلمة، عن أبي هريرة - رضي اللَّه عنه - بلفظ "من أنفق زوجين في سبيل اللَّه دعته خزنة الجنّة من أبواب الجنّة يا فلانُ هَلُمّ فأدخل"، وفي رواية البخاريّ: "دعاه خزنة الجنّة كل خزنة باب أي فُلُ هلم … " الحديث.
فقال المهلّب -رحمه اللَّه تعالى-: في هذا الحديث أن الجهاد أفضل الأعمال؛ لأن المجاهد يُعطَى أجر المصلي، والصائم، والمتصدّق، وإن لم يفعل ذلك؛ لأن باب الريّان للصائمين، وقد ذكر في هذا الحديث أن المجاهد يدعى من تلك الأبواب كلها بإنفاق قليل المال في سبيل اللَّه انتهى.
قال الحافظ -رحمه اللَّه تعالى-: وما جرى فيه على ظاهر الحديث يردّه ما في رواية أحمد من الزيادة في الحديث، قال فيه: "لكلّ عمل باب يُدعَون بذلك العمل". وهذا يدلّ على أن المراد بسبيل اللَّه ما هو أعمّ من الجهاد وغيره من الأعمال الصالحات انتهى (١) وهو تَعَقُّب جيد. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
٢٢٣٩ - (أَخْبَرَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلَانَ, قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ, قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ, عَنِ الأَعْمَشِ, عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ, عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ, عَنْ عَبْدِ اللَّهِ, قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -, وَنَحْنُ شَبَابٌ, لَا نَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ, قَالَ: «يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ, عَلَيْكُمْ بِالْبَاءَةِ, فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ, وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ, وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ, فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ»).
رجال هذا الإسناد: سبعة:
١ - (محمود بن غيلان) العدويّ مولاهم، أبو أحمد المروزيّ، ثم البغداديّ، ثقة [١٠] ٣٣/ ٣٧.
٢ - (أبو أحمد) محمد بن عبد اللَّه بن الزبير بن عمرو بن درهم الأسديّ الزبيريّ الكوفيّ، ثقة ثبت، إلا أنه قد يخطئ في حديث الثوري [٩] ٤٣/ ٢٢٣٩.
٣ - (سفيان) بن سعيد الثوريّ الكوفيّ الإمام الحجة الثبت [٧] ٣٣/ ٣٧.
٤ - (الأعمش) سليمان بن مِهران الكاهليّ مولاهم الكوفيّ ثقة ثبت، يدلس [٥] ١٧/ ١٨.
٥ - (عُمارة بن عُمير) التيميّ الكوفيّ، ثقة ثبت [٤] ٤٩/ ٦٠٨.
٦ - (عبد الرحمن بن يزيد) بن قيس النخعيّ، أبو بكر الكوفيّ، أخو الأسود، ثقة،
(١) - فتح ج ٦ ص ١٣٥. رقم ٢٨٤١.